كتاب آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

ثم إنه لم يشتهر القول بتضعيف الأحاديث الواردة في المهدي إلا عن عبد الرحمن بن خلدون المؤرخ المشهور (¬1) بدعوى عدم ورودها في الصحيحين.
حيث قال بعد ذكر جملة من الأحاديث الواردة في المهدي «فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه آخر الزمان، وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه». (¬2)
وقال في موضع آخر مشككاً في صحة ظهور المهدي «فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهور دعوته .. ». (¬3)
وفي الحقيقة أنه لم يقل أحد بمثل هذا القول قبل ابن خلدون، وكل من طعن في أحاديث المهدي من المتأخرين احتج بأقوال ابن خلدون. (¬4)
¬_________
(¬1) هو عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن خلدون، ولي الدين الحضرمي الأشبيلي أشتهر بكتابه «العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر» طبع في سبع مجلدات، أولها «المقدمة» وقد نشأ في تونس ورحل منها إلى مصر، وتولى قضاء المالكية فيها وتوفي بالقاهرة سنة 808 هـ «الإعلام» (3/ 330).
(¬2) مقدمه ابن خلدون، صـ 322، دار الكتاب اللبناني، بيروت 1967 م.
(¬3) نفس المصدر 327.
(¬4) مثل الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في كتابه «لا مهد ينتظر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير البشر»، ومحمد فريد وجدي في «دائرة معارف القرن العشرين» (10/ 480)، وأحمد أمين في كتابة «ضحى الإسلام»، ومحمد فهيم أبو عبيه في تعليقه على «النهاية الفتن والملاحم» لابن كثير ومحمد عبد الله عنان في كتابه «مواقف حاسمه في تاريخ الإسلام» صـ 359، وعبد الرحمن محمد عثمان في تعليقه على «تحفة الأحوذي» (6/ 474)، وعبد الكريم الخطيب في كتابه (المسيح في القرآن والتوارة والأنجيل) صـ 539، وقد تولى الرد على جميع هؤلاء الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه القيم «الرد على من كذب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهدي» وخص منها رسالة الشيخ ابن محمود، حيث بين أن ما فيها مجانب للحق والصواب.

الصفحة 257