كتاب آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

الرد على شبهتهم:
مما لا شك فيه أن احتجاج القائلين بعدم حجية أحاديث الآحاد في العقائد، بهذه الآيات وأمثالها التي تذم الظن وأهله، مردود وغير صحيح. وذلك من عدة وجوه:
أولا: إن الظن الوارد في الآية ليس المقصود به الظن الراجح أو الغالب الذي عنوه «وإنما المقصود به هو الشك والكذب والخرص والتخمين، فقد جاء في «النهاية» و «اللسان» وغيرهما من كتب اللغة»: «الظن» هو الشك يعرض لك في شيء، فتحققه وتحكم به. (¬1)
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ} (¬2) (أي ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)} أي لا يجدي شيئا، ولا يقوم أبدا مقام الحق، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث»). (¬3) (¬4)
فالشك والكذب هو الظن الذي ذمه الله تعالى في كتابه، ونعاه
¬_________
(¬1) انظر النهاية في غريب الحديث والأثر «3/ 162 - 163».
(¬2) النجم 28.
(¬3) صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس (4/ 1985)، رقم (2563).
(¬4) تفسير القرآن العظيم للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير (7/ 434) تحقيق عبد العزيز غنيم وزميليه، مطبعة الشعب، القاهرة.

الصفحة 33