كتاب آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

على المشركين، ويؤيد ذلك قوله تعالى {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)}. (¬1)
فوصفهم بالظن والخرص الذي هو مجرد الحزر والتخمين. (¬2)
ثانيا: لو كان الظن المنعي به على المشركين هو الظن الغالب أو الراجح، فإنه لا يجوز الأخذ به في الأحكام أيضاً، لأن الله أنكر على المشركين الأخذ بالظن إنكاراً مطلقاً، ولم يخصه بالعقيدة دون الأحكام، فكيف تقبلونه في الأحكام وتردونه في العقائد.
ثالثا: أما قولهم إن أحاديث الآحاد في العقائد لا تفيد اليقين ولو كانت صحيحة السند، فهو غير صحيح فحديث الآحاد إذا ثبتت صحته برواية الثقات، ووصل إلينا بطريق صحيح، فإنه يجب الإيمان به وتصديقه، سواء كان في العقائد أو الأحكام، وإنه يوجب العلم اليقيني.
وهذا هو مذهب سلف الأمة وأئمتها، استجابة لأمر الله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. (¬3)
وقوله تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ
¬_________
(¬1) الأنعام 116.
(¬2) انظر «العقيدة في الله» 59 - 61 للدكتور عمر سليمان الأشقر، طبع دار النفانس - الأردن - عمان - الطبعة الخامسة عشر، وكتاب «أشراط الساعة» يوسف الوابل، دار ابن الجوزي، الطبعة الأولى 35.
(¬3) الحشر 7.

الصفحة 34