كتاب آراء محمد رشيد رضا العقائدية في أشراط الساعة الكبرى وآثارها الفكرية

الساعة» (¬1)، فهذا إشكال بحد ذاته يكفي عند الشيخ رشيد رضا لرد جميع الأحاديث الواردة في أشراط الساعة الصغرى ولا أدري كيف يرد على رجل يصطنع الإشكالات والتساؤلات ليثبت صحة رأيه وما ذهب إليه وهذا بلا شك قول مردود، فأهل السنة والجماعة يثبتون للساعة أشراطاً صغرى تكون قبل قيام الساعة بأزمنة طويلة، وذلك تذكيراً للبشر بقرب قيام الساعة وزوال الدنيا ليتعظ من تنفع به الموعظة أما من سواه فلا يتعظ حتى تقوم قيامته.

3 - قوله بفناء النار، وعدم خلود أهلها فيها: (¬2)
فالشيخ رشيد رضا يميل للقول بفناء النار وعدم خلود أهلها فيها مخالفاً بذلك إجماع أهل السنة بالقول بعدم فناء النار وخلود أهلها فيها.
قال الإمام أحمد رحمه الله: «وقد خلقت النار وما فيها، وخلقت الجنة وما فيها، خلقهما الله عز وجل، ثم خلق الخلق لهما لا يفنيان ولا يفني ما فيهما أبداً، فإن احتج مبتدعٌ أو زنديق بقول الله عز وجل {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (¬3) وبنحو هذا من متشابه القرآن قيل له، كل شيء مما كتب الله
¬_________
(¬1) المنار (9/ 488).
(¬2) انظر تفسير المنار سورة الأنعام آية 128، حيث أطال الشيخ رشيد رضا الكلام في هذه المسألة، ثم مال إلى القول بفناء النار وعدم خلود أهلها فيها.
- وأنظر كذلك تفسيره سورة المائدة آية 118، حيث يقول عند قوله تعالى «إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم» قال «فإن ظاهر هذه الآية جواز مغفرة الشرك، فإن قيل إن الله تعالى بين أنه لا يغفرُ الشرك، قلنا إنما يدل هذا على أن العقاب على الشرك حتمٌ مقضي ولكنه لا يدل على أنه سرمدي».
(¬3) سورة القصص 88.

الصفحة 91