كتاب استنباطات الشيخ عبد الرحمن السعدي من القرآن الكريم عرض ودراسة

وقول السعدي - رحمه الله -: (كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٩)} [التكوير: ٢٨ - ٢٩]. فهذه الآية فيها رد على القدرية النفاة وعلى القدرية المجبرة: وإثبات للحق الذي عليه أهل السنة والجماعة. فقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (٢٨)} , أثبت: أنه لهم مشيئة حقيقية , وفعلا حقيقيا - وهو الاستقامة - باختيارهم. فهذا رد على الجبرية. وقوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أخبر: أن مشيئتهم تابعة لمشيئة الله , وأنها لا توجد بدونها. فما شاء الله كان , وما لم يشأ لم يكن. ففيها رد على القدرية القائلين: " إن مشيئة العباد مستقلة , ليست تابعة لمشيئة الله ": بل عندهم، يشاء العباد ويفعلون ما لا يشاؤه الله , ولا يقدره ودلت الآية على الحق الواضح , وهو: أن العباد هم الذين يعملون الطاعات والمعاصي حقيقة , ليسوا مجبورين عليها: وأنها - مع ذلك - تابعة لمشيئة الله، كما تقدم كيفية وجه ذلك). ا. هـ (¬١)
---------------
(¬١) انظر: الدرة البهية للسعدي (١٥٥)، وتفسير السعدي (٩١٤) الاستنباط رقم: ٤٤٦، وانظر الاستنباط رقم: ١٨٢.

الصفحة 59