كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

حكمته ومضت به سنته، من الابتلاء والامتحان الذي يميز الله به أهل الصدق والإيمان من أهل النفاق والبهتان (¬1).
قال تعالى: (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) [العنكبوت: 1 - 3].
سابعا: من المواقف العلماء الذين اختاروا طريق الجهاد والدعوة إلى الله على طريق العزلة والاعتزال، موقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وذلك أنه ثار في وجه الشرك والمشركين غير مبال بما يلاقيه في سبيل الله، وبعد أن شاع أمر الدعوة وأصبحت خطرا يهدد أهل الفسق والفجور، تآمر عليه بعض الفسقة وسطوا على بيته ليلا لاغتياله، فعلم بهم الناس فصاحوا بهم فهربوا، فلم يطمئن الشيخ بعد هذه الحادثة إلى المقام في حريملاء، فانتقل منها إلى العيينة وتلقاه أميرها ابن معمر بالقبول والمناصرة في أول الأمر ولكنه كان واليا من قبل ابن عرير حاكم الأحساء، وقد وشى بعض دعاة السوء وجهل الضلال بالشيخ إلى ابن عرير فكتب إلى ابن معمر خطابا يأمره فيه بطرد الشيخ من بلده فما كان من ابن معمر إلا أن ينفذ أمر سيده، ومنها انتقل الشيخ إلى الدرعية حيث كتب الله له النصر بالتعاون مع الإمام محمد بن سعود (¬2).
ثامنا: من مشاركة العلماء في قضايا أمتهم وجهادهم الذي يستعلي على الإغراءات المادية ما حصل من جمال الدين الأفغاني (¬3) مع سلطان
¬__________
(¬1) انظر العقيدة والآداب الإسلامية للشيخ محمد بن عبد الوهاب (325 - 329).
(¬2) هو الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن من قبيلة عنزة تولى حكم الدرعية سنة (1139) وبعد توليه بتسعة عشر عاما التقى بالشيخ محمد بن عبد الوهاب وتعاونا معا في مجاهدة أهل الشرك والضلال إحدى وعشرين سنة حتى توفي الإمام سنة (1179) بعد إمارة دامت أربعين سنة انظر عنوان المجد في تاريخ نجد عثمان بن بشر (63).
(¬3) هو جمال الدين الأفغاني من أشهر أعلام الإسلام في القرن التاسع عشر
الميلادي القرن الثالث عشر الهجري ولد في أسعد آباد على مقربة من كنار من أعمال كابل في أفغانستان عام 1254 هـ الموافق (1838) من أسرة حنفية المذهب درس العلوم الإسلامية في صباه ثم انصرف وهو في الثانية عشرة من عمره إلى دراسة الفلسفة وقام بعدة جولات في العالم الإسلامي والعالم كله، وهو يجمع بين الكتابة والخطابة والصحافة والسياسة، كان من أكبر الدعاة إلى فكرة الجامعة الإسلامية وأنشأ في فرنسا مجلة العروة الوثقى بالاشتراك مع تلميذه محمد عبده وتوفي جمال الدين الأفغاني عام (1897) انظر دائرة المعارف الإسلامية (7/ 95، 100) وانظر الموسوعة الحركية فتحي يكن (1/ 21 - 26).

الصفحة 420