كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

قال بذلك الحسن البصري والأوزاعي (¬1) وسحنون (¬2) وأحمد بن حنبل وإن كان الإمام أحمد يرى أن الأولى الثبات على الحق ولو قتل على ذلك (¬3).
وأما ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أوصى طائفة من أصحابه وقال: «لا تشركوا بالله وإن قطعتم وحرقتم» (¬4) فالمراد به الشرك بالقلوب لا بالألفاظ كمثل قوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا) [العنكبوت: 8] وسائر الأقوال متصور عليها الإكراه، ولهذا إذا أكره بغير حق على قول من الأقوال لم يترتب عليه حكم من الأحكام، ولم يؤاخذ به في أحكام الدنيا والآخرة، إذا كان قلبه مطمئمنا بالإيمان وهذا هو الفارق بين المكره والناسي والجاهل (¬5).
ثالثا: الإكراه الملجئ على الأفعال التي تخالف الإسلام.
سبق أن أوضحنا في أول هذا المبحث أن العلماء قد أجمعوا على أنه لا يجوز لمسلم أن يقتل مسلما بدعوى الإكراه (¬6) أما إيذاء المسلم لأخيه
المسلم فيما دون النفس تحت وطأة الإكراه فالراجح من الأقوال عدم جواز
¬__________
(¬1) انظر ترجمته (132) من هذه الرسالة.
(¬2) هو عبد السلام بن سعيد التنوخي الحمصي الأصل القيرواني المالكي ويلقب بسحنون أبو سعيد ولد سنة (160) هـ وأصبح فقيها ثم تولى القضاء بالقيروان وارتحل في طلب العلم وسمع من سفيان بن عيينة وغيره، وتوفي في اليوم الخامس من شهر رجب من سنة (240) من مصنفاته المدونة الكبرى في الفقه المالكي في أربعة مجلدات، وعليها يعتمد فقهاء القيروان، انظرالبداية والنهاية لابن كثير (10/ 323) وانظر معجم المؤلفين عمر رضا كحالة (5/ 224).
(¬3) انظر تفسير القرطبي (10/ 182، 183) وانظر زاد المسير في علم التفسير (4/ 496) وانظر الإيمان أركانه حقيقته نواقضه د/ محمد نعيم ياسين (191 - 194).
(¬4) انظر تفسير القرطبي (19/ 293).
(¬5) انظر جامع العلوم والحكم عبد الرحمن بن رجب الحنبلي (354، 355).
(¬6) انظر فتح الباري (12/ 316، 317) وانظر التشريع الجنائي الإسلامي عبد القادر عودة (1/ 568).

الصفحة 435