كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (¬1) وقال تعالى في حقهم: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) (¬2)، وقال تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (¬3) وقد سئل الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) عن قوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) (¬4). من هم المؤمنون الذين أمر الله باتباع سبيلهم؟ فإن قلتم هم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأي الفريقين؟ هل هم علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وأولاده ومن معه؟ أم هم معاوية بن أبي سفيان؟ أم هم طلحة والزبير وغيرهم؟. فأجاب بقوله: نتولى الجميع ونكف عما شجر بينهم، وندعو لهم بالمغفرة كما أمرنا الله بذلك (¬5). بقوله: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (¬6). اهـ.
وقد ورد في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (¬7). وقد روى أبو نعيم في الحلية عن زيد بن وهب أن سويد بن
¬__________
(¬1) سورة التوبة آية (117).
(¬2) سورة الفتح آية (18).
(¬3) سورة التوبة آية (100).
(¬4) سورة النساء آية (115).
(¬5) انظر الدرر السنية ج1 ص138.
(¬6) سورة الحشر آية (10).
(¬7) انظر فتح الباري ج7ص21.