كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)

أن يجعله على خزائن الأرض سؤال ولاية، وإنما كان سؤال تخل وترك لينتقل الأمر إليه كله، بتمكين الله ومشيئته (¬1)، ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ) (¬2). اهـ.
وذكر الشوكاني في الفتح عند تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) (¬3). فقال إن هذه الآية خاصة بالمشركين، وإن النهي المذكور في الآية مراد به المشركين وقد وصفوا بالظلم لأن الشرك ظلم (¬4)، قال تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (¬5). اهـ. والصحيح أن الآية عامة للمشركين وغيرهم من أهل البدع والمعاصي، فإن الصحبة لهم قد تكون كفرًا أو معصية في بعض الأحوال (¬6).
فإن كانت الصحبة عن ضرورة وتقية، وهي الإكراه الملجئ في النطق بالكفر دون فعله، ودون الاعتداء على الناس ظلمًا في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، فقد سبق بيان ذلك بشروطه المعلومة (¬7).
أما العمل مع الكفار ومن في حكمهم من المرتدين والمنافقين، فينظر في ذلك إلى المصلحة الغالبة، فكل من أمروه ابتداء أن يدخل في شيء من أعمالهم التي أمرها إليهم، وجب عليه ذلك فضلاً عن أن يقال له جائز (¬8)، إذا كان في ذلك طاعة لله كالمناصب الدينية والأعمال المباحة، وكان واثقًا
¬__________
(¬1) انظر أحكام القرآن/ لابن العربي ج3 ص1080.
(¬2) سورة يوسف آية (56).
(¬3) سورة هود آية (113).
(¬4) انظر فتح القدير/ للشوكاني ج2 ص531.
(¬5) سورة لقمان آية (13).
(¬6) انظر تفسير القرطبي ج9 ص108.
(¬7) انظر صفحة 395 - 414 من هذه الرسالة. وانظر تفسير القرطبي ج4 ص57 وص417، ج6 ص2، ج9 ص108.
(¬8) انظر فتح القدير/ للشوكاني ج2 ص531.

الصفحة 879