كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
مطلقة «أي بمعنى أنه يجب القتل على من كانت موالاته موجبة للردة عن الإسلام، وذلك مثل إظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم من غير إكراه ملجئ». وكذلك يقتل من كانت موالاته للكفار كبيرة من كبائر الذنوب، وذلك مثل الذين يتجسسون على المسلمين لغرض دنيوي مع سلامة العقيدة وكراهية الكفر، فهذا النوع من الموالاة للكفار لا يحكم بردة الفاعل لذلك، وإنما يقتل بخطيئته بعد قيام البينة الشرعية على ذلك.
قال بذلك ابن القاسم وسحنون والقرطبي، ويروى عن ابن سحنون أنه قال: «إن ماله لورثته» (¬1). اهـ. وهذا يرجح القول بأنه يقتل تعزيرًا لا حدًا لأنه لو كان قتله حدًا لكان مرتدًا والمرتد لا يرث ولا يورث (¬2).
وذهب إلى القول بقتل من يوالي الكفار بتجسس أو نحوه الإمام مالك، وصحح ذلك القرطبي معللاً هذا الأمر بقوله: «إن ذلك يضر بالمسلمين ويفسد حالهم» (¬3). اهـ.
وقال ابن القاسم (¬4) وأشهب (¬5) يجتهد في ذلك الإمام حسبما يراه من التعزير المناسب، وقال عبد الملك بن جريج: إذا تكرر منه ذلك وكانت
عادته قُتِلَ لأنه جاسوس، وبذلك قال ابن الماجشون (¬6)، واشترط التكرار في
¬__________
(¬1) انظر نيل الأوطار للشوكاني ج7 ص205.
(¬2) المصدر السابق نفس المكان.
(¬3) انظر تفسير القرطبي ج18 ص52 - 53. وانظر أحكام القرآن/ لابن العربي ج4 ص1770 - 1773.
(¬4) هو عبد الرحمن بن القاسم العتقي (191). انظر الأعلام للزركلي م5 ص171.
(¬5) هو أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري الجعدي، أبو عمرو ولد سنة (145هـ). وهو فقيه الديار المصرية في عصره كان صاحب الإمام مالك. قال عنه الشافعي: ما أخرجت مصر أفقه من أشهب، وأشهب لقب له، مات سنة (204هـ) بمصر في نفس البلد والعام الذي توفي فيه الإمام الشافعي. انظر الأعلام للزركلي ج1 ص333.
(¬6) هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة التيمي، المدني (أبو عبد الله) (ابن الماجشون)،
فقيه محدث، حافظ، أصله من أصبهان، نزل المدينة، ثم قصد بغداد فتوفي بها سنة (164هـ) ودفن في مقابر قريش.
انظر معجم المؤلفين ج5 ص251.