كتاب الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية (اسم الجزء: 2)
اختلف العلماء في ذلك. هل يحكم بردة من يتولى الكفار فيعامل معاملة المرتدين في أكل الذبائح وفي حكم الزواج، أم يلحق بمن تولاهم من الكفار؟.
فإن تولى اليهود فحكم التعامل معه حكم التعامل مع اليهود، وإن تولى النصارى فحكم التعامل معه حكم التعامل مع النصارى، وإن تولى الشيوعيين أو الوثنيين فحكمه حكمهم.
ومرجع الاختلاف في ذلك هو الاختلاف في تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (¬1).
فقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال هي:-
القول الأول: إن المراد بذلك أهل الأوثان من العرب غير المسلمين لأنه لو أراد المسلمين لكانوا إذا تولوا الكفار صاروا مرتدين والمرتد إلى النصرانية أو اليهودية لا يكون منهم في شيء من أحكامهم، فلا تؤكل ذبيحته، وإذا كانت المرتد إلى الكفار امرأة فلا تنكح ولا يثبت بينهما شيء من حقوق الولاية لحديث: «من بدل دينه فاقتلوه» (¬2). فيقتل لردته. ولهذا رجح جماعة من المفسرين بأن المراد بذلك هم العرب الوثنيون لا المسلمون المرتدون عن الإسلام بالولاء للكفار (¬3).
القول الثاني: إن الآية خطاب للمسلمين وإخبار بأن من تولاهم أي اليهود والنصارى فهو كافر مثلهم بموالاته إياهم، والحكم عليه بالكفر لا يمنع مع أكل ذبيحته ومناكحة المرأة منهم، إذا كانوا لا يزالون ينتسبون إلى
¬__________
(¬1) سورة المائدة آية (51).
(¬2) رواه البخاري: انظر فتح الباري ج6 ص149.
(¬3) انظر أحكام القرآن - للجصاص ج2 ص444 - 445. وانظر تفسير الطبري ج6 ص179. وانظر تفسير القرطبي ج3 ص217. وانظر أحكام القرآن/ لابن العربي ج2 ص630.