كتاب شرح الطحاوية ت الأرناؤوط (اسم الجزء: 1)

الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالْحَرَّةِ؟ وَهَلْ خَرَجَتِ الْخَوَارِجُ، وَاعْتَزَلَتِ الْمُعْتَزِلَةُ، وَرَفَضَتِ الرَّوَافِضُ، وَافْتَرَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، إِلَّا بِالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ؟ ! وَإِضَافَةُ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ، الَّذِي هُوَ مَحِلُّهُ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَتَعْدِيَتُهُ بِأَدَاةِ إِلَى الصَّرِيحَةِ فِي نَظَرِ الْعَيْنِ، وَإِخْلَاءُ الْكَلَامِ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ حَقِيقَةٍ مَوْضُوعَةٍ صَرِيحَةٍ فِي أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ بِذَلِكَ نَظَرَ الْعَيْنِ الَّتِي فِي الْوَجْهِ إِلَى الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ.

[مَعَانِي النَّظَرِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اسْتِعْمَالَاتِهِ]
فَإِنَّ النَّظَرَ لَهُ عِدَّةُ اسْتِعْمَالَاتٍ، بِحَسَبِ صِلَاتِهِ وَتَعَدِّيهِ بِنَفْسِهِ: فَإِنْ عُدِّيَ بِنَفْسِهِ فَمَعْنَاهُ: التَّوَقُّفُ وَالِانْتِظَارُ، {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] (الْحَدِيدِ: 13) . وَإِنْ عُدِّيَ بِـ " فِي " فَمَعْنَاهُ: التَّفَكُّرُ وَالِاعْتِبَارُ، كَقَوْلِهِ: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: 185] (الْأَعْرَافِ: 185) . وَإِنْ عُدِّيَ بِـ " إِلَى " فَمَعْنَاهُ: الْمُعَايَنَةُ بِالْأَبْصَارِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: 99] (الْأَنْعَامِ: 99) . فَكَيْفَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ مَحِلُّ الْبَصَرِ؟ وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ بِسَنَدِهِ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ،} [القيامة: 22] قَالَ: مِنَ الْبَهَاءِ وَالْحُسْنِ {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] ، قَالَ فِي وَجْهِ

الصفحة 209