كتاب شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل
أن يخلق آدم فذكر خلق آدم فقال له يا آدم أي يدي أحب إليك أن أريك ذريتك فيها قال يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين فبسط يمينه وإذا فيها ذريته كلهم ما هو خالق إلى يوم القيامة الصحيح على هيئته والمبتلى على هيئته والأنبياء على هيئاتهم فقال ألا أعفيهم كلهم فقال أني أحببت أن أشكر وذكر الحديث، وقال محمد بن نصر المروزي حدثنا محمد بن يحيى ثنا سعيد بن أبي مريم أنا الليث بن سعد حدثني ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن عبد الله بن سلام قال: "خلق الله آدم ثم قال بيده فقبضها فقال اختر يا آدم فقال اخترت يمين ربي وكلتا يديك يمين فبسطها فإذا فيها ذريته فقال من هؤلاء يا رب قال من قضيت أن أخلق من ذريتك من أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة"، قال وثنا إسحاق بن راهوية أنا جعفر بن عون أنا هشام بن سعد عن زيد بن سالم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما خلق الله آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة وذكر الحديث، وقال إسحاق بن الملاي ثنا المسعودي عن علي بن نديمة عن سعد عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُم} قال: إن الله أخذ على آدم ميثاقه أنه ربه وكتب رزقه وأجله ومصيباته ثم أخرج من ظهره ولده كهيئة الذر فأخذ عليهم الميثاق أنه ربهم وكتب رزقهم وأجلهم ومصيباتهم قال وحدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس قال مسح الله ظهر آدم فأخرج كل طيب في يمينه وفي يده الأخرى كل خبيث وقال محمد بن نصر حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني وثنا حجاج عن أبن جريج عن الزبير بن موسى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "إن الله ضرب منكبه الأيمن فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء نقية فقال هؤلاء أهل الجنة ثم ضرب منكبه الأيسر فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداء فقال هؤلاء أهل النار ثم أخذ عهده على الإيمان والمعرفة به والتصديق له وبأمره من بني آدم كلهم وأشهدهم على أنفسهم فآمنوا وصدقوا وعرفوا وأقروا"، حدثنا إسحاق ثنا روح بن عبادة بن محمد بن عبد الملك عن أبيه عن الزبير بن موسى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بهذا الحديث وزاد قال ابن جريج وبلغني أنه أخرجهم على كفه أمثال الخردل قال إسحاق وأخبرنا جرير عن منصور عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} قال أخذهم كما يؤخذ بالمشط وفي تفسير أسباط عن السدي عن أصحابه أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود عن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ} الآية قال: لما أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ كهيئة الذر فقال لهم ادخلوا الجنة برحمتي ومسح صفحة ظهره اليسرى فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر فقال أدخلوا النار ولا أبالي فذلك حين يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال ألست بربكم قالوا بلى فأعطاه طائفة طائعين وطائفة كارهين على وجه التقية فقال هو والملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} الآية فلذلك ليس أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف أن الله ربه ولا مشرك إلا وهو يقول:: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} فذلك قوله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} وذلك حين يقول: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً} وذلك حين يقول: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ
الصفحة 11
310