كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

فَقَالَ الْعلمَاء صدقت هَكَذَا نقُول فِي تَفْسِير مَجِيء سُورَة الْبَقَرَة وَفِي ذبح الْمَوْت
فَقَالَ وَاعجَبا لكم صرفتم عَن الْمَوْت وَالْكَلَام مَا لَا يَلِيق بهما حفظا لما علمْتُم من حقائقهما فَكيف لم تصرفوا عَن الْإِلَه الْقَدِيم مَا يُوجب التَّشْبِيه لَهُ بخلقه مِمَّا قد دلّ الدَّلِيل على تنزيهه عَنهُ سُبْحَانَهُ
وَقَالَ أَيْضا اعْلَم أَن شرعنا مضبوط الْأُصُول محروس الْقَوَاعِد لَا خلل فِيهِ وَلَا دخل وَكَذَلِكَ جَمِيع الشَّرَائِع إِنَّمَا الآفة تدخل من المبتدعين فِي الدّين أَو الْجُهَّال مثل مَا فعل النَّصَارَى حِين رَأَوْا إحْيَاء الْمَوْتَى على يَد عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُم تأملوا الْفِعْل الخارق للْعَادَة الَّذِي لَا يصلح للبشر فنسبوا الْفَاعِل إِلَى الإلهية وَلَو تأملوا ذَاته لعلموا أَنَّهَا مركبة على النقائص والحاجات وَهَذَا الْقدر يَكْفِي فِي عدم صَلَاح الإلهية وَيعلم حِينَئِذٍ أَن الَّذِي جرى عَليّ يَدَيْهِ إِنَّمَا هُوَ فعل غَيره
وَقد يَقع مثل ذَلِك فِي الْفُرُوع مثل مَا رُوِيَ أَنه فرض على النَّصَارَى صَوْم شهر فزادوا عشْرين يَوْمًا ثمَّ جَعَلُوهُ فِي فصل من السّنة بآرائهم
وَمن هَذَا الْجِنْس تخبيط الْيَهُود فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَقد ثارت الضلالات فِي هَذِه الْأمة أَيْضا وَإِن كَانَ عمومهم قد حفظ من الشّرك لأَنهم أَعقل الْأُمَم وأفهمها غير أَن الشَّيْطَان قَارب ببعضهم الْكفْر وَأغْرقَ بَعضهم فِي بحار الضلال

الصفحة 218