كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

الْأَكْبَر وَقد قصد الشَّرْع تَقْرِير وجوده فَقَالَ سُبْحَانَهُ {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} {نزل بِهِ الرّوح الْأمين} {وَهَذَا كتاب أَنزَلْنَاهُ} وأثبته فِي الْقُلُوب بقوله {فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم} العنكبوت 49 وَفِي الْمَصَاحِف بقوله {فِي لوح مَحْفُوظ} {وَإنَّهُ لفي زبر الْأَوَّلين} الشُّعَرَاء 196 فَقَالَ قوم من هَؤُلَاءِ هُوَ مَخْلُوق فاسقطوا حرمته من النُّفُوس وَقَالُوا لم ينزل وَلَا يتَصَوَّر نُزُوله وَكَيف نفصل الصّفة عَن الْمَوْصُوف وَلَيْسَ فِي الْمُصحف إِلَّا حبر وورق فعادوا إِلَى مَا بعث الشَّارِع فِي إثْبَاته بالمحو كَمَا قَالُوا إِن الله عز وَجل لَيْسَ فِي السَّمَاء وَلَا يُقَال اسْتَوَى على الْعَرْش وَلَا ينزل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا بل ذَاك رَحمته فمحوا من الْقُلُوب مَا أُرِيد إثْبَاته فِيهَا وَلَيْسَ هَذَا مُرَاد الشَّارِع
وَجَاء آخَرُونَ فَلم يقفوا على مَا حَده الشَّرْع بل عمِلُوا فِيهِ بآرائهم فَقَالُوا الله على الْعَرْش وَلم يقنعوا بقوله {ثمَّ اسْتَوَى على الْعَرْش}
قَالَ وَدفن لَهُم أَقوام من سلفهم دفائن وَوضعت لَهُم الْمَلَاحِدَة أَحَادِيث فَلم يعلمُوا مَا يجوز عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ مِمَّا لَا يجوز فأثبتوا بهَا صِفَاته وَجُمْهُور الصَّحِيح مِنْهَا آتٍ على توسع الْعَرَب فَأَخَذُوهُ هم على الظَّاهِر فَكَانُوا فِي ضرب الْمثل كجحا فَإِن أمه قَالَت لَهُ احفظ الْبَاب فقلعه وَمَشى بِهِ فَأخذ مَا فِي الدَّار فَلَامَتْهُ أمه فَقَالَ إِنَّمَا قلت لي احفظ الْبَاب وَمَا قلت احفظ

الصفحة 220