كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

وَجل أَنه جَالس أَو قَائِم كَقَوْلِه {قَائِما بِالْقِسْطِ} آل عمرَان 18 وَهَؤُلَاء هم أخس فهما من جحا لِأَن قَوْله {قَائِما بِالْقِسْطِ} لَا يُرَاد بِهِ الْقيام وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا يُقَال الْأَمِير قَائِم بِالْعَدْلِ
قَالَ وَإِنَّمَا ذكرت بعض أَقْوَالهم لِئَلَّا يسكن إِلَى شَيْء مِنْهَا فالحذر من هَؤُلَاءِ وَإِنَّمَا الطَّرِيق طَرِيق السّلف على أنني أَقُول لَك قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل من ضيق علم الرجل أَن يُقَلّد فِي دينه الرِّجَال فَلَا يَنْبَغِي أَن تسمع عَن مُعظم فِي النُّفُوس شَيْئا فِي الْأُصُول فتقلده فِيهِ وَلَو سَمِعت عَن أَحْمد بن حَنْبَل مَا لَا يُوَافق الْأُصُول الصَّحِيحَة فَقل هَذَا من الرَّاوِي لِأَنَّهُ قد ثَبت عَن ذَلِك الإِمَام وَأَنه لَا يَقُول فِي شَيْء بِرَأْيهِ فَلَو قَدرنَا صِحَّته عَنهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَلّد فِي الْأُصُول وَلَا أبوبكر وَعمر
قَالَ فَهَذَا أصل يجب الْبناء عَلَيْهِ فَلَا يهولنك ذكر مُعظم فِي النُّفُوس فَإِن الْمُحَقق الْعَارِف لَا يهوله ذَلِك كَمَا قَالَ رجل لعَلي ابْن أبي طَالب أتظن أَنا نظن أَن طَلْحَة وَالزُّبَيْر كَانَا على الْبَاطِل وَأَنت على الْحق فَقَالَ لَهُ عَليّ إِن الْحق لَا يعرف بِالرِّجَالِ اعرف الْحق تعرف أَهله ولعمري إِنَّه قد وقر فِي النُّفُوس تَعْظِيم أَقوام فَإِذا نقل عَنْهُم شَيْء فَسَمعهُ جَاهِل بِالشَّرْعِ قبله لتعظيمهم فِي نَفسه كَمَا نقل عَن أبي يزِيد البسطامي أَنه قَالَ تراغبت عَليّ نَفسِي فَحَلَفت لَا أشْرب المَاء سنة وَهَذَا إِن صَحَّ عَنهُ كَانَ خطأ قبيحا وزلة فَاحِشَة لِأَن المَاء ينفذ الأغذية إِلَى الْبدن وَلَا يقوم مقَامه شَيْء فَإِن لم يشرب فقد سعى فِي أَذَى بدنه وضرر نَفسه الَّتِي لَيست لَهُ وَأَنه لَا يجوز لَهُ التَّصَرُّف فِيهَا إِلَّا عَن إِذن مَالِكهَا

الصفحة 222