كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

فِي نفي تِلْكَ المفهومات فقد جمعُوا بَين التَّمْثِيل والتعطيل مثلُوا أَولا وعطلوا آخرا فَهَذَا تَشْبِيه وتمثيل مِنْهُم للمفهوم من أَسْمَائِهِ وَصِفَاته بِالْمَفْهُومِ من أَسمَاء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يسْتَحقّهُ هُوَ سُبْحَانَهُ من الْأَسْمَاء وَالصِّفَات اللائقة بِهِ تَعَالَى
قَالَ ثمَّ المخالفون للْكتاب وَالسّنة وَسلف الْأمة من المتأولين لهَذَا الْبَاب فِي أَمر مريج فَإِن من يُنكر الرُّؤْيَة زعم أَن الْعقل يحيلها وَأَنه مُضْطَر إِلَى التَّأْوِيل وَمن يحِيل أَن لله علما وقدرة وَأَن كَلَامه غير مَخْلُوق وَنَحْو ذَلِك يَقُول إِن الْعقل أحَال ذَلِك فاضطر إِلَى التَّأْوِيل بل من يُنكر حَقِيقَة حشر الأجساد وَالْأكل وَالشرب الْحَقِيقِيّ فِي الْجنَّة يزْعم أَن الْعقل أحَال ذَلِك وَأَنه مُضْطَر إِلَى التَّأْوِيل وَمن يزْعم أَن الله لَيْسَ فَوق الْعَرْش يزْعم أَن الْعقل أحَال ذَلِك وَأَنه مُضْطَر إِلَى التَّأْوِيل
وَيَكْفِيك دَلِيلا على فَسَاد قَول هَؤُلَاءِ أَنه لَيْسَ بِوَاحِد مِنْهُم قَاعِدَة مستمرة فِيمَا يحيله الْعقل بل مِنْهُم من يزْعم أَن الْعقل جوز أَو أوجب مَا يَدعِي الآخر أَن الْعقل أَحَالهُ
يَا لَيْت شعري بِأَيّ عقل يُوزن الْكتاب وَالسّنة فَرضِي الله عَن مَالك بن أنس الإِمَام حَيْثُ قَالَ أَو كلما جَاءَنَا رجل أجدل من رجل تركنَا مَا جَاءَ بِهِ جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجدل هَؤُلَاءِ وكل من هَؤُلَاءِ مخصوم بِمثل مَا خصم بِهِ الآخر فَكل من ظن أَن غير الرَّسُول وَالسَّلَف أعلم بِهَذَا الْبَاب أَو أكمل بَيَانا أَو أحرص على هدى الْخلق فَهُوَ من الْمُلْحِدِينَ لَا من الْمُؤمنِينَ

الصفحة 235