كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

قَالَ والمنحرفون عَن طَريقَة السّلف ثَلَاث طوائف أهل التخييل وَأهل التَّأْوِيل وَأهل التجهيل
فَأهل التخييل هم المتفلسفة وَمن سلك سبيلهم من مُتَكَلم ومتصوف ومتفقه فَإِنَّهُم يَقُولُونَ إِن مَا ذكره الرَّسُول من أَمر الْإِيمَان بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر إِنَّمَا هُوَ تخييل للحقائق لينفع بِهِ الْجُمْهُور لَا أَنه يبين بِهِ الْحق وَلَا هدى بِهِ الْخلق وَلَا أوضح الْحَقَائِق
ثمَّ هم على قسمَيْنِ
مِنْهُم من يَقُول إِن الرَّسُول لم يعلم الْحَقَائِق على مَا هِيَ عَلَيْهِ وَيَقُولُونَ إِن من الفلاسفة الإلهية من علمهَا وَكَذَلِكَ من الْأَشْخَاص الَّذين يسمونهم أَوْلِيَاء من علمهَا ويزعمون أَن من الفلاسفة والأولياء من هُوَ أعلم بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر من الْمُرْسلين وَهَذِه مقَالَة غلاة الْمُلْحِدِينَ من الفلاسفة الباطنية باطنية الشِّيعَة وباطنية الصُّوفِيَّة
وَمِنْهُم من يَقُول بل الرَّسُول علمهَا لَكِن لم يبينها وَإِنَّمَا تكلم بِمَا يناقضها وَأَرَادَ من الْخلق فهم مَا يناقضها لِأَن مصلحَة الْخلق فِي هَذِه الإعتقادات الَّتِي لَا تطابق الْحق
وَيَقُول هَؤُلَاءِ يجب على الرَّسُول أَن يَدْعُو النَّاس إِلَى إعتقاد التجسيم مَعَ أَنه بَاطِل وَإِلَى اعْتِقَاد معاد الْأَبدَان مَعَ أَنه بَاطِل ويخبرهم أَن أهل الْجنَّة يَأْكُلُون وَيَشْرَبُونَ مَعَ أَن ذَلِك بَاطِل لِأَنَّهُ لَا يُمكن دَعْوَة الْخلق إِلَّا بِهَذِهِ الطَّرِيق الَّتِي تَتَضَمَّن الْكَذِب لمصْلحَة الْعباد

الصفحة 236