كتاب أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

بِهَذَا الْقُرْآن إِلَى قيام السَّاعَة ثمَّ إِنَّه يتَمَسَّك بِهِ كل ذِي مَذْهَب على مذْهبه فالجبري يتَمَسَّك بآيَات الْجَبْر كَقَوْلِه {وَجَعَلنَا على قُلُوبهم أكنة} الْآيَة الْأَنْعَام 25 الْإِسْرَاء 46
والقدري يَقُول هَذَا مَذْهَب الْكفَّار لقَوْله {وَقَالُوا قُلُوبنَا فِي أكنة مِمَّا تدعونا إِلَيْهِ وَفِي آذاننا وقر} فصلت 5 وَقَوله {وَقَالُوا قُلُوبنَا غلف} الْبَقَرَة 88
ومنكر الرُّؤْيَة يتَمَسَّك بقوله {لَا تُدْرِكهُ الْأَبْصَار} الْأَنْعَام 102
ومثبت الْجِهَة بآيَات الْجِهَة وَغير ذَلِك ويسمي كل وَاحِد الْآيَات الْمُوَافقَة لمذهبه محكمَة والمخالفة لَهُ متشابهة فَكيف يَلِيق بالحكيم أَن يَجْعَل الْكتاب الَّذِي هُوَ الْمرجع فِي الدّين هَكَذَا
قَالَ وَالْجَوَاب أَن الْعلمَاء ذكرُوا لذَلِك فَوَائِد كمزيد الْمَشَقَّة لزِيَادَة الثَّوَاب وليجتهد فِي التَّأَمُّل فِيهِ صَاحب كل مَذْهَب يَعْنِي فَإِن أصَاب فَلهُ أَجْرَانِ وَإِن أَخطَأ فِي الْفُرُوع فَلهُ أجر وَفِي الْأُصُول خلاف إِلَى غير ذَلِك من الْفَوَائِد
وَاخْتلفُوا هَل الْمُتَشَابه مِمَّا يعلم على قَوْلَيْنِ منشؤهما الْوَقْف على الله أَو الْعلم فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله والراسخون فِي الْعلم} آل عمرَان 7

الصفحة 51