كتاب تفسير العثيمين: غافر

أن تُدافِعه بما يُسمَّى بالسِّلاح الأبيض بالخَناجِر والسيوف وما أَشبَهها؛ لأن الواجِب أن تَستَعدَّ لكل عَدوٍّ بما يُناسِب سِلاحه.
فالآنَ صار في الساحة أَفكار رَديئة خَبيثة، إن لم تَكُن مُلحِدة فهِيَ إلى الإِلحْاد أقرَبُ من الاعتِدال، ولا حاجةَ إلى التَّخصيص؛ لأنه مَعلوم عند كَثير مِنْكم.
فنَحتاج أن نَعرِف هذه الأفكارَ وكَيفَ نُبطِلها، وإني أَقول لكُمْ: إن جميع الأفكار المُنحرِفة إبطالُها سَهْل جِدّا، حتى وإن هَوَّلوا الأمر، وإن ضَخُمُوا فهُمْ كالإِسْفِنج، اعصُرْه بيَدِك يَخرْج كلُّ ما فيه، ولا تَتَهيَّبوا لأنهم ليس عِندهم عِلْم مَسموع ولا عَقْل مَصنوع، فلا بُدَّ أنَّ الإنسان إذا كان قد نوَى بطلَب العِلْم حماية الشريعة والدِّفاع عنها، لا بُدَّ أن يَعرِف ما يَكون في الساحة، حتى يَستَطيع أن يُدافِع، ولكل مَقامٍ مَقال، ولكل مَكان ما يُناسِبه.
وإني أَقولُ لكُم: إن حِماية الشريعة والدِّفاع عنها لا يَكون إلَّا برِجالها، لو ألَك كُنت في مَكْتبة، ومعَك جماعة ودخَل رجُل مُلحِد يُقرِّر الإلحاد، وأنتُمْ لا عِلْمَ عِنْدكم، لكن المَكتَبة مَملوءة من الكتُب التي تَرُدُّ على المُلحِدين، وتُبيِّن زَيْف ما هُم عليه، فلا يُمكِن أن يَقفِز كِتاب منها من أَجْل أن يَرُدَّ على هذا المُلحِدِ؛ فالكُتُب وإن كثُرَتْ لا تُفيد، لا بُدَّ من عُلَماء، وإذا كان في هذا المَكانُ الذي ذكَرْت إذا كان فيه عالِمٌ! فسوف يَتكلَّم بما يَرُدُّ قول هذا المُلحِدِ، حتى يَنكِص على عَقِبيه. هَذِه أُمور ثلاثة كلُّها تَتَرتَّب على إخلاص النِّيَّة.
الرابِعة: ما أَشار إليه الإمامُ أَحمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يَنوِيَ رَفْع الجَهْل عن نَفْسه وعن غيره، ومتى كان يَنوِي ذلك لا بُدَّ أن يَجِدَّ في الطلَب، لأنَّ مَن أَراد الغِنَى لا بُدَّ أن يَكتَسِب، ولا بُدَّ أن يَتَّجِر، ولا بُدَّ أن يَخوض جميع مَيادين التِّجارة؛ فإذا كان يُريد

الصفحة 12