كتاب تفسير العثيمين: غافر

رَفْع الجَهْل عن نفسه فليس من المُمكِن، ولا من المَعقول أن يَجلِس من غير تَعلُّم، لا بُدَّأن يَجِدَّ في الطَلب.
وإذا كان يُريد رَفْع الجَهْل عن غيره فلا بُدَّ أن يَحرِص غاية الحِرْص على نَشْر العِلْم بالوَسائِل المُناسِبة، الوسائِل القَويَّة في كل مجَال:
أولًا: يُمكِن أن يَنشُر العِلْم عن طريق الحَديث في المَجالِس العادِيَّة؛ جلَس مجَلِسًا في وَليمة في أي مَكان، يُمكِن أن يَنشُر عِلْمه، وذلك بالطريقة اللَّبِقة المُحبَّبة للنُّفوس، والتي لا تُوجِب المَلَل والاستِثْقال، يُمكِن أن يُورِد مَسأَلة من المَسائِل في هذا الجَمْعِ الذي عِنده يُورِد مَسألة يَقول: ما تَقولون في رجُلٍ فَعَل كذا وكذا، أو قال كذا وكذا؛ أو يَأتِي بمَسأَلة إلغازٍ حتَّى يَفتَح الأَذْهان، وحِينئذٍ يَدخُل في تعليم الناس.
لسْتُ أَقولُ: افرِضْ نَفْسك في المَجلِس الذي أنت فيه؛ لأن هذا صَعْب على النُّفوس، لكن اجلِبْهم إلى العِلْم بالطرُق المُحبَّبة المُناسِبة، حتى يَشْتَغِل المَجلِس بالعِلْم مُناقَشة، أو إلقاءً، أو ما أَشبَه ذلك.
ثانيًا: كذلك أيضًا يَنشُر عِلْمه عن طريق الأشرِطة، والأشرِطة - ولله الحمد - نفَع الله بها نَفْعًا كثيرًا، خُصوصًا وأنَّ الناس كثير مِنهم - وخاصَّة من الشَّباب - يَتلقَّوْن هذه الأشرِطةَ بشغَف ولَهف، لا تَكاد تَخرُج إلَّا والناس يَتلَقَّوْنها وَينتَفِعون بها، فهذه الأَشرِطةُ - ولله الحمد - فيها مَصلَحة كبيرة ونَشْر للعِلْم، وليس في مَكانِك أو بلَدِك، أو مَنطِقتك، بل إنه يَتَعدَّى إلى خارِج بلادِك، كما سمِعنا أنَّ أَشرِطة الدُّعاة والعُلَماء تَذهَب إلى أماكِنَ بَعيدةٍ. هذه من وَسائِل نَشْر العِلْم.
ثالِثًا: يُمكِن أن تَنشُر العِلْم عن طَريق الكِتابة، كِتابة الرَّسائِل، تَأليف كُتُب، نَشرة وَرَقية، وما أَشبَه ذلك، بقَدْر المُستَطاع؛ حتى تَنشُر عِلْمك، وتَنفَع وتَنتَفِع.

الصفحة 13