كتاب تفسير العثيمين: الشورى

أمَّا السُّوَرُ فبعضُها ترتيبُه توقيفيٌّ وبعضُها ترتيبُه غيرُ توقيفيٍّ، فمثلًا البقرةُ وآلُ عمرانَ ترتيبُها توقيفيٌّ، آلُ عمرانَ بَعْدَ البقرةِ، ولا يُشْكِلُ عليك حديثُ حذيفةَ أنَّه صلَّى مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ فقرأ بالبقرةِ، ثم قرأ بالنساءِ، ثم قرأ بآلِ عمرانَ (¬١)؛ لأنَّ الترتيبَ النِّهائيَّ أنَّ آلَ عمرانَ بعدَ البقرةِ، ويكونُ حديثُ حذيفةَ - رضي الله عنه - قبْلَ الترتيبِ النِّهائيِّ؛ ولهذا تجدون في الحديثِ أنَّ النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّم - يَقْرِنُ دائمًا بيْنَ البقرةِ وآلِ عمرانَ؛ كقولِهِ: "اقْرَؤُوا الزَّهْراويْنِ" (¬٢) يَعني البقرةَ وآلَ عمرانَ.
فصار عندنا الآن ترتيبُ السُّوَرِ بَعْضُه توقيفيٌّ وبَعْضُه غيرُ توقيفيٍّ، ترتيبُ الآياتِ توقيفيٌّ، تفصيلُ الآياتِ توقيفيٌّ.
وإنما سُمِّيت القطعةُ أو الجملةُ من القرآنِ آيةً؛ لأنَّها مُعجِزةٌ، يعني: الآيةُ الواحدةُ لا يستطيعُ أحدٌ أن يأتِيَ بمثْلِها، لا في موضِعِها، ولا في صيغتِها ولا في مدلولِها.
* * *
---------------
(¬١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢).
(¬٢) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، رقم (٨٠٤)، من حديث أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه -.

الصفحة 11