كتاب تفسير العثيمين: الشورى
الآية (٣٦)
* * *
* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشورى: ٣٦].
* * *
قوله: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{فَمَا أُوتِيتُمْ} الخطابُ للمؤمنين وغيرِهِم، {مِنْ شَيْءٍ} من أثاثِ الدُّنْيا {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}].
قولُهُ: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ} (مَا) ليست نافيةً، لكنَّها زائدةٌ لعمومِ النَّهْيِ؛ أي: أيُّ شيءٍ أوتيتموه {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
وقولُهُ رَحِمَهُ اللهُ: [الخطابُ للمؤمنين وغيْرِهِم]، صحيحٌ؛ لأنَّ هذا يُخَاطَبُ به المؤمنُ والكافرُ، الكافرُ يتمتعُ بالدُّنْيا؛ ولكنهم يتمتعون كما تَتَمَتَّعُ {الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [محمَّدٍ: ١٢]، والمؤمنُ يَتَمَتَّعُ بالدُّنْيا ولكنَّه إذا قام بعملِ الآخرةِ صار نعيمُهُ في الدُّنْيا وفي الآخرةِ.
قَوْلُهُ: {فَمَتَاعُ} الفاءُ رابطةٌ لجوابِ الشَّرْطِ، وهو قولُهُ: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ}؛ لأنَّ (ما) هنا شَرْطِيَّةٌ و {مِنْ شَيْءٍ} بيانًا لها، وجملةُ {فَمَتَاعُ} هذه جوابُ الشَّرْطِ، وعلى هذا فنقولُ: إنَّ (مَتَاعَ) خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، والتَّقديرُ: فهو متاعٌ، قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} يَتَمَتَّعُ فيها ثم يزولُ].
الصفحة 272