تقولَ: ما أحسنَ زيدًا! (لنُكْرِها) إشارةٌ إلى (ما) النَّكِرةِ الموصوفةِ أو الواصفةِ، (بِكَفٍّ) إشارةٌ إلى (ما) الكافَّةِ وهي الدَّاخلةُ على (إنَّ) مثل: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [النِّساءِ: ١٧١]، (ونَفْيٍ) إشارةٌ إلى (مَا) النَّافيةِ، (زِيدَ) إشارةٌ إلى (مَا) الزَّائدةِ، (تعظيم) إشارةٌ إلى (مَا) التَّعظيميَّةِ مثلَ: لكنَّها {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ} [الحاقَّةِ: ١ - ٢]، {الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ} [القارعةِ: ١ - ٢]، (مَصْدر) إشارةٌ إلى (ما) المَصْدَرِيَّةِ مثل: يُعْجِبُنِي ما فَعَلْتَ؛ أي: يُعْجِبُنِي فِعْلُكَ. هذه عَشَرَةُ معانٍ لـ (مَا).
وقوله: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}؛ يعني: إذا نالهم الغضبُ فإنَّهم يَمْلِكُون أنْفُسَهم، فيغفرون لمن أَغْضَبَهم، ومعنى {يَغْفِرُونَ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [يتجاوزون] ونحن نَزيدُ شيئًا آخَرَ: السِّتْرَ. يعني: يتجاوزون عمَّن أساء إليهم ويَسْتُرُونه.
من فوائدِ الآيةِ الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ مِن وصْفِ الَّذين آمنوا وعلى ربِّهم يتوكَّلون اجتنابَهُم كبائرَ الإثمِ والفواحشَ، وبُعْدَهُم عنها؛ لأنَّ اجتنب بمعنى: صار في جانبٍ وآخَرَ في جانبٍ، فيفيدُ بُعْدَهُم عن كبائرِ الإثمِ والفواحِشِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ صغائرَ الذُّنُوبِ لا تَنْقُصُ من كمالِ الإيمانِ؛ لأنَّها تقعُ مغفورًا باجتناب الكبائِرِ، كما قال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في سُورةِ النَّجْمِ: {إِلَّا اللَّمَمَ} [النَجْمِ: ٣٢]؛ يعني: إلَّا الصَّغائرَ فإنَّها لا تَضُرُّ، وأَخْبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ أنَّ الصلواتِ الخمْسَ، والجُمُعَةَ إلى الجُمُعَةِ، ورمضانَ إلى رمضانَ، مُكَفِّرَاتٌ لمِا بَيْنَهُنَّ إذا اجْتُنِبَتِ الكبائرُ (¬١).
---------------
(¬١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، رقم (٢٣٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.