قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ} يَعْمَلُونَ {فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} بالمعاصِي {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} مُؤْلِمٌ].
قولُهُ: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ} هذه الجُمْلَةُ فيها أداةُ حصرٍ وهي (إنَّما)، والحَصْرُ إثباتُ الحُكْمِ في المذكورِ، ونفْيُه عمَّا سواه؛ فكأَنَّه قال: لا سبيلَ إلَّا على هؤلاء {إِنَّمَا السَّبِيلُ} يعني: الطَّريقَ إلى اللَّوْمِ والقَدْحِ والمؤاخَذَةِ {عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} سواءٌ بأموالهِم أو دمائِهِم أو أعراضِهِم؛ فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْلَنَ في حَجَّةِ الوداعِ؛ فقال: "إنَّ دماءَكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرامٌ" (¬١) فَظُلْمُ النَّاسِ يدورُ على هذه الأشياءِ الثَّلاثةِ: الدِّماءِ، والأموالِ، والأعراضِ. فمن اغتاب أحدًا فقد ظَلَمَه، ومن أخذ مَالَهُ فقد ظَلَمَه، ومن خانَه في معامَلةٍ بينه وبينه فقد ظَلَمَه، وهذه لا حَصْرَ لأمثِلَتِها، المُهِمُّ أنَّ الَّذين يظلِمون النَّاسَ عليهم اللَّومُ.
وقولُهُ: {وَيَبْغُونَ} فَسَّرَها المُفَسِّرُ بقولِهِ: [يعملون] وكأنَّه تحاشى أن يَجْمَعَ بين
---------------
(¬١) أخرجه البخاري: كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى، رقم (١٧٤١)، ومسلم: كتاب القسامة، باب تغليظ تحريم الدماء، رقم (١٦٧٩)، من حديث أبي بكرة - رضي الله عنه -.