كتاب تفسير العثيمين: الشورى

الآية (٤٨)
* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ} [الشُّورَى: ٤٨].
* * *

ثم قال عَزَّ وَجَلَّ مسلِّيًّا النَّبيَّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: {فَإِنْ أَعْرَضُوا} يعني عن الإستجابةِ، ولم يستجيبوا، فلا لَوْمَ عليك، {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [تَحْفَظُ أعمالَهُم بأن توافِقَ المطلوبَ منهم].
فالشرط (إن أَعْرَضوا) وجوابُ الشَّرْطِ: {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} والمعنى: إن أعرضوا فلا لَوْمَ عَلَيْكَ؛ لأَنَّك لم تُرْسَلْ عليهم حفيظًا على أعمالهِم ولا مسيطِرًا عليهم، إنما أُرْسِلْتَ للإبلاغِ، وقد حَصَلَ {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}.
قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنْ} ما] أراد أن يُفَسِّرَ (إِنْ) بمعنى (ما)، و (إِنْ) تأتي نافيةً كما هنا، وتأتي زائدةً، وتأتي شرطيَّةً، وتأتي مخفَّفَةً من الثَّقيلةِ. فهنا جاءت نافيةً، والغالبُ أنَّها تكونُ نافيةً إذا أتى بعدها إثباتٌ مثل {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ} [فاطرٍ: ٢٣] {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ} [الأعرافِ: ١٨٨] وما أَشْبَهَ ذلك، هذه تكونُ نافيةً بمعنى (مَا).
وتأتي شرطيَّةً مثل: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: ٢٨٤].

الصفحة 328