كتاب تفسير العثيمين: الشورى

على أنه كتابُ نحوٍ، أو كتابُ صَرْفٍ، أو كتابُ فَلَكٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك إنما نَزَل ليستقيمَ العبدُ في معاملتِه مع اللهِ ومعاملتِه مع الخَلْقِ؛ ولذلك تَجِدُ القرآنَ الكريمَ لا يعتني كثيرًا بالآياتِ الكونيَّةِ الفلكيَّةِ، وإنما يشيرُ إليها إشارةً، لكنَّه في الأحكامِ الشرعيَّةِ يأتي فيها بالتفصيلِ والبيانِ.
ولقد حاول بعضُ المتأخِّرين أن يُنزِّل المعلوماتِ الكونيَّةَ الفلكيَّةَ والأرضيَّةَ، وحاول أن يَجْعَلَ القرآنَ دالًّا عليها بالتفصيلِ، فصار يَسُوقُ الآياتِ ويتكلَّفُ في معناها؛ ليُخْضِعَها إلى موافَقةِ ما قيلَ عن علمِ الفَلكِ والأرضِ، وهذا غلطٌ؛ لأنَّ القرآنَ إنَّما نَزَلَ لهدايةِ الخَلْقِ في العباداتِ والمعاملاتِ، وما أتى فيه من كلامٍ عن الأمورِ الكونيَّةِ فهذا أتى على وجْهٍ إجماليٍّ التفصيلُ فيه قليلٌ إن كان هناك تفصيلٌ، فليعتنِ طالبُ العلمِ بتفسيرِ كلامِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
مسألة: أَحْسَنُ ما عَلِمْتُ (تفسير ابْنِ كَثِيرٍ) رَحَمَهُ اللَّهُ، فهو موثوقٌ من جِهَةِ العقيدةِ وإن كان فيه بعضُ القصورِ، فإنَّه يَذْكُرُ أشياءَ إسرائيليَّةً، ويتكلَّمُ على كثيرٍ منها. و (تفسيرُ الشَّيخِ عبْدِ الرحمنِ السَّعْدِيِّ) رَحَمَهُ اللَّهُ جيِّدٌ خصوصًا في استنباطِ الفوائِدِ من الآياتِ، و (تفسيرُ الشَّيخِ الشَّنْقِيطِيِّ) رَحَمَهُ اللَّهُ جيِّدٌ، لكن لا يَصْلُحُ إلا لطالِبِ عِلْمٍ مُتَمَكِّنٍ. هذا الَّذي أَعْلَمُ الآنَ.
* * *

الصفحة 8