كتاب تفسير العثيمين: فصلت

٤ - وبعْد هذا في المَرتَبة الرَّابِعة: الرُّجوعُ إلى كلامِ التَّابِعين الَّذين أخَذوا عنِ الصَّحابةِ - رضي الله عنهم - وليسَ كلّ التَّابِعين، بلِ الَّذين اشتُهِرَ عنهمُ الأخْذُ عنِ الصَّحابةِ.
وعلى رأسِهم مجُاهِدُ بنُ جبرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الذي أخذَ تَفسيرَ القرآنِ عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - فكانَ يَقرأُ القرآنَ على ابنِ عبَّاسٍ، ويقِفُ عندَ كلِّ آيةٍ، يَسألُهُ عنْ تفسيرها (¬١).
٥ - ثمَّ بعدَ ذلكَ يُؤخَذُ بالأمْثلِ فالأمْثلِ من أقوالِ أئمةِ هذهِ الأمَّةِ وعلمائِها.
ثمَّ اعْلمْ أنَّ تفسيرَ القرآنِ لا يقتَصرُ على تَفسِيرِ الصَّحابةِ والتَّابِعين؛ لأنَّه قدْ يَخرجُ للآياتِ معانٍ لم تكنْ تَطْرَأُ على البالِ فيما سبَقَ، كما تُشيرُ بعضُ الآياتِ إلى المخترَعاتِ الحديثةِ الَّتي وقعَتْ في زمانِنا هذا، وكما تُشيرُ بعضُ الآياتِ إلى ما عُلِم في عِلْمِ الأحياءِ والكائِناتِ؛ وذلك لأنَّ القرآنَ كتابٌ عالَمِيٌّ لا يَزالُ النَّاسُ يَستخْرِجون كُنوزَه وفَوائِدَه إلى يومِ القِيامةِ.
وبِناءً على ذلك: يجبُ علينا أنْ نعتَنيَ بكلامِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وأنْ نتَدبَّرَه ونتفَهَّمَه؛ حتَّى نلْحقَ بالرَّكْبِ.
---------------
(¬١) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٨٥)، والطبراني في المعجم الكبير (١١/ ٧٧، رقم ١١٠٩٧).

الصفحة 10