كتاب تفسير العثيمين: فصلت

فيُقالُ: إنَّها ليستْ لَغوًا، وإنَّما المُرادُ إقامةُ الحُجَّةِ على أولئك المُشرِكين؛ حيثُ عجَزوا عنِ الإتْيانِ بمِثلِ القرآنِ، ولا بآيةٍ واحِدةٍ، مَع أنَّ هذا القرآنَ: هل أتى بحُروفٍ لا يَعرِفونها حتَّى يَعتذِروا ويَقولوا: إنَّه جاءَ بحرُوف ليستْ مَعروفةً لنا؟
الجَوابُ: لا؛ فالقرآنُ جاءَ بحُروف يَعرِفونها، قالَ شيخُ الإسلامِ (¬١) رَحِمَهُ اللَّهُ: ولذلِك لا تَكادُ تَرى سُورةً مَبدوءةً بهذهِ الحُروفِ إلَّا وبعدَها ذُكِرَ القرآنُ، وابْدأْ مِنْ أوَّلِ البَقرةِ إلى أنْ تأتيَ إلى آخِرِ السُّوَرِ المَبدوءَةِ بهذِه الحروفِ، تَجِدُ أنَّ بعدَها ذِكرَ القُرآنِ؛ وذلكَ إشارةٌ إلى أنَّ هذا القرآنَ الَّذي أَعجزَكم -مَعْشَر العرَبِ- كانَ مِن هذهِ الحُروفِ الَّتي تُكوِّنون مِنها كلامَكم، وهذا الَّذي ذَهبَ إليهِ شيخُ الإسْلامِ رَحِمَهُ اللَّهُ واضِحٌ جدًّا.
وأمَّا القوُل بأنَّه ليسَ لها معنًى؛ فقدْ قالَه مجُاهِدُ بنُ جبرٍ (¬٢) رَحِمَهُ اللَّهُ أعلمُ التَّابِعين بكِتابِ اللهِ عَزَّ وجلَّ.
---------------
(¬١) انظر: تفسير ابن كثير (١/ ٧١).
(¬٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٢٠٩)، وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٧٠).

الصفحة 15