كتاب مدارج تفقه الحنبلي

كتاب، لأن العلماء يختلفون في كيفية عرضهم للمسائل، وتناولهم لها، هذا فضلاً عن المسائل الجديدة التي تمر عليك في كل كتاب آخر ستقرأه.
وعلم الفقه من العلوم التي لا يُدرك بالنظر اليسير في كتبه، بل لابد من إطالة النظر فيه، وتكراره حتى يحصلَ الفهمُ والإدراكُ، وانظر إلى الشيخ البهوتي - رحمه الله - شارح كتب المذهب بلا منازع، قد وضع حاشية على المنتهى ثم على الإقناع ثم شرح زاد المستقنع ثم شرح الإقناع ثم شرح المنتهى، فلو كان الشيخ يرى أنه لا فائدة من تأليفها مع تكرار نفس المسائل لاكتفى بأحدها، لكنه يعلم -رحمه الله- أن الفقه لا يدرك بالنظر اليسير والوقوف على بعض كتبه دون بعض؛ بل لابد من إكثار النظر في كتب الفقه، وأن يُكرر ذلك؛ حتى يدرك الطالب مراميَه، ويفهمَ معانيَه.
أخي طالب العلم: لا تستعجل الثمرة، فالثمرة تحتاج لوقت طويل حتى يكتمل خلْقها ونماؤها، ويستوي نضجها، ويطيب طعمها، وعندها يحين قطفها وأكلها، وهكذا علم الفقه فلا تستعجل قطف ثمرته، نعم قد تتأخر لكنها حاصلة بإذن الله لمن جد واجتهد في تحصيلها.
وفي ختام هذه المقدمة أشكر الله تعالى أولاً وآخراً، وأحمده حمد الشاكرين، وأستغفره استغفار المذنبين المخطئين، وأسأل الله تعالى المغفرة والرحمة الواسعة لعلمائنا الحنابلة الذين ساهموا في هذا المذهب وأثروه، وأحسنوا بيانه وبُنيانه، كما أسأله تعالى أن يجزي هذه الدولة السعودية وحكامها كل خير على ما بذلوه وأسدوه في نشر مذهب الحنابلة، والتكفل بطباعة كتبه وتوزيعها على طلبة العلم مجاناً، كما أسأل الله تعالى الرفعة والقبول لكل من ساهم في إظهار وتحقيق وطبع كتب المذهب، وأخص بذلك الشيخين الفاضلين: معالي الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ومعالي الشيخ عبدالملك ابن عبدالله بن دهيش شافاه الله وعافاه (¬١)، فإن لهذين الشيخين الفاضلين فضلاً كبيراً على الحنابلة
---------------
(¬١) وقد توفي الشيخ رحمه الله تعالى يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوال من عام أربع وثلاين وأربعمائة وألف للهجرة، وكنت كتبت هذا الكتاب قبل وفاة الشيخ بسنة تقريبا.

الصفحة 18