كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

22 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَكَانِ ابْنَتِهِ مِنِّي، فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: يَغْسِلُ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ وَلِلْبُخَارِيِّ اغْسِلْ ذَكَرَكَ وَتَوَضَّأْ وَلِمُسْلِمٍ تَوَضَّأْ وَانْضَحْ فَرْجَكَ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQطَاهِرَتَانِ " حَالٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: أَدْخَلْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي حَالِ طَهَارَتِهَا، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: قَدْ لَا يَتَأَتَّى فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَى " أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ " وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ الِاسْتِدْلَال بِذَلِكَ بِالْقَوِيِّ جِدًّا، لِاحْتِمَالِ الْوَجْهِ الْآخَرِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَضُمَّ إلَى هَذَا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الطَّهَارَةُ لِإِحْدَاهُمَا إلَّا بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ - مَعَ هَذَا الْحَدِيثِ - مُسْتَنَدًا لِقَوْلِ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، أَعْنِي أَنْ يَكُونَ الْمَجْمُوعُ هُوَ الْمُسْتَنَدُ، فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلًا عَلَى اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ دَالًا عَلَى أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِكَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَيَحْصُلُ مِنْ هَذَا الْمَجْمُوعِ: حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: تَصْرِيحٌ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَنْ حَدَثِ الْبَوْلِ، وَفِي حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيد السِّينِ - مَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ عَنْ حَدَثِ الْغَائِطِ، وَعَنْ النَّوْمِ أَيْضًا، وَمَنْعَهُ عَنْ الْجَنَابَةِ.

الصفحة 114