كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

27 - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَقَصُّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ.» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَكِنَّهُ تُكَلِّمَ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ نَقْلُ التُّرَابِ وَاجِبًا فِي التَّطْهِير لَاكْتَفَى بِهِ، فَإِنَّ الْأَمْرَ بِصَبِّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ يَكُونُ زِيَادَةُ تَكْلِيفٍ وَتَعَبٍ، مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ إلَى الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَطْهِيرُ الْأَرْضِ.

[حَدِيثُ الْفِطْرَةُ خَمْسٌ]
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ التَّمِيمِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْقَزَّازِ - فِي كِتَابِ تَفْسِيرِ غَرِيبِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " الْفِطْرَةُ " تَنْصَرِفُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى وُجُوهٍ، أَذْكُرُهَا لِتَرُدَّ هَذَا إلَى أَوْلَاهَا بِهِ، فَأَحَدُهَا: فِطْرَةُ الْخَلْقِ، فَطَرَهُ: أَنْشَأَهُ، وَاَللَّهُ فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، أَيْ خَالَقَهُمَا، و " الْفِطْرَةُ " الْجِبِلَّةُ الَّتِي خَلَقَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَجَبَلَهُمْ عَلَى فِعْلِهَا، وَفِي الْحَدِيثِ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» قَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ: فِطْرَةُ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا: أَيْ خَلْقُهُ لَهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَى قَوْلِهِ " عَلَى الْفِطْرَةِ " أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِاَللَّهِ الَّذِي كَانَ أَقَرَّ بِهِ لَمَّا أَخْرَجَهُ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ، " وَالْفِطْرَةُ " زَكَاةُ الْفِطْرِ. وَأَوْلَى الْوُجُوهِ بِمَا ذَكَرْنَا: أَنْ تَكُونَ الْفِطْرَةُ مَا جَبَلَ اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَيْهِ، وَجَبَلَ طِبَاعَهُمْ عَلَى فِعْلِهِ، وَهِيَ كَرَاهَةُ مَا فِي جَسَدِهِ مِمَّا هُوَ لَيْسَ مِنْ زِينَتِهِ،

الصفحة 123