كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

39 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ: سَأَلَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ، أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا إنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» ، وَفِي رِوَايَةٍ " وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ: فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فِيهَا، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي "..
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَلْتُجْعَلْ الْأَلِفُ وَاللَّامُ لِتَعْرِيفِ الْحَقِيقَةِ وَتَنْزِلْ عَلَى تِلْكَ الشَّفَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُطْلِقِ حِينَئِذٍ، فَيَكْفِي تَنْزِيلُهُ عَلَى فَرْدٍ.
وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ: لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ، إذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَّا قَوْلُهُ " وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ " وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا: قَدْ أُعْطِيَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلِيُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَى الْعُمُومِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذِهِ الْخَصْلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْخَمْسِ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَفْظُهَا - وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا - إلَّا أَنَّ مَا سَبَقَ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ: يَدُلُّ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي "، وَأَمَّا قَوْلُهُ " وَكَانَ النَّبِيُّ يَبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ " فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْحَيْضِ]
[حَدِيثُ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا]
الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: يُقَالُ: حَاضَتْ الْمَرْأَةُ، وَتَحَيَّضَتْ، تَحِيضُ حَيْضًا، وَمُحَاضًّا وَمَحِيضًا - إذَا سَالَ الدَّمُ مِنْهَا فِي نَوْبَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَإِذَا اسْتَمَرَّ مِنْ غَيْرِ نَوْبَةٍ قِيلَ:

الصفحة 154