كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعَادَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُمَيَّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالتَّمَسُّكُ بِهِ يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ، وَهِيَ مَا يُقَالُ " إنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي قَضَايَا الْأَحْوَالِ، مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ، يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عُمُومِ الْمَقَالِ " وَمَثَّلُوهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا رُوِيَ لِفَيْرُوزَ - وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ - " اخْتَرْ أَيَّتَهُمَا شِئْت " وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهُ: هَلْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مُرَتَّبًا، أَوْ مُتَقَارِنًا؟ وَكَذَا نَقُولُ هَهُنَا: لَمَّا سَأَلَتْ هَذِهِ الْمَرْأَةُ عَنْ حُكْمِهَا فِي الِاسْتِحَاضَةِ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا رَسُولُ اللَّهِ عَنْ كَوْنِهَا مُمَيَّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيَّزَةٍ: كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عَامٌّ فِي الْمُمَيَّزَةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا قَالُوا فِي حَدِيثِ فَيْرُوزَ الَّذِي اُعْتُرِضَ بِهِ، ثُمَّ يَرُدُّ هَهُنَا أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا حَالَ الْوَاقِعَةِ كَيْفَ وَقَعَتْ، فَأَجَابَ عَلَى مَا عَلِمَ، وَكَذَا يُقَالُ هُنَا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ حَالَ الْوَاقِعَةِ فِي التَّمْيِيزِ أَوْ عَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ «وَلَيْسَ بِالْحِيضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» اخْتَارَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ " وَلَيْسَ بِالْحِضَّةِ " كَسِرِّ الْحَاءِ، أَيْ الْحَالَةِ الْمَأْلُوفَةِ الْمُعْتَادَةِ. وَالْحَيْضَةُ - بِالْفَتْحِ - الْمَرَّةُ مِنْ الْحَيْضِ.
، وَقَوْلُهُ " فَإِذَا أَقْبَلَتْ " تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لَهَا بِعَلَامَةٍ تَعْرِفُهَا، فَإِنْ كَانَتْ مُمَيَّزَةً وَرُدَّتْ إلَى التَّمْيِيزِ، فَإِقْبَالُهَا: بَدْءُ الدَّمِ الْأَسْوَدِ، وَإِدْبَارُهَا: إدْبَارُ مَا هُوَ بِصِفَةِ الْحَيْضِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً، وَرُدَّتْ إلَى الْعَادَةِ، فَإِقْبَالُهَا: وُجُودُ الدَّمِ فِي أَوَّلِ أَيَّامِ الْعَادَةِ. وَإِدْبَارُهَا: انْقِضَاءُ أَيَّامِ الْعَادَةِ.
، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ - هَذِهِ - مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ إلَى التَّمْيِيزِ، وَقَالُوا: إنَّ حَدِيثَهَا فِي الْمُمَيَّزَةِ، وَحُمِلَ قَوْلُهُ " فَإِذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ " عَلَى الْحَيْضَةِ الْمَأْلُوفَةِ الَّتِي هِيَ بِصِفَةِ الدَّمِ الْمُعْتَادِ، وَأَقْوَى الرِّوَايَاتِ فِي الرَّدِّ إلَى التَّمْيِيزِ: الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا " دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنْ
الصفحة 157
407