كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
48 - الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى - صَلَاةِ الْعَصْرِ - ثُمَّ صَلَّاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» . 49 - وَلَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْعَصْرِ، حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى - صَلَاةِ الْعَصْرِ - مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ مِنْ اللَّغَطِ وَاللَّغْوِ مَا لَا يَنْبَغِي خَتْمُ الْيَقِظَةِ بِهِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْحَدِيثُ هَاهُنَا: قَدْ يَخُصُّ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِمُصْلِحَةِ الدِّينِ، أَوْ إصْلَاحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ. فَقَدْ صَحَّ " أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَ أَصْحَابَهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ " وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ " بَابُ السَّمَرِ بِالْعِلْمِ " وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ الْأَشْغَالِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا مَصْلَحَةُ الْإِنْسَانِ. وَقَوْلُهُ " وَكَانَ يَنْفَتِلُ. .. إلَخْ " دَلِيلٌ عَلَى التَّغْلِيسِ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ: فَإِنَّ ابْتِدَاءَ مَعْرِفَةِ الْإِنْسَانِ لِجَلِيسِهِ يَكُونُ مَعَ بَقَاءِ الْغَبَشِ. وَقَوْلُهُ " وَكَانَ يَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إلَى الْمِائَةِ " أَيْ بِالسِّتِّينَ مِنْ الْآيَاتِ إلَى الْمِائَةِ مِنْهَا. وَفِي ذَلِكَ مُبَالَغَةٌ فِي التَّقَدُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. لَا سِيَّمَا مَعَ تَرْتِيلِ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[حَدِيثُ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى]
فِيهِ بَحْثَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إلَى أَنَّهَا الْعَصْرُ. وَدَلِيلُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ، مَعَ غَيْرِهِ. وَهُوَ قَوِيٌّ فِي
الصفحة 170
407