كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
57 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً.» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّلِيلُ عَلَى اتِّسَاعِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ: لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ.
وَإِنْ ضُمَّ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ الدَّلِيلُ عَلَى تَضْيِيقِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ: كَانَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ تَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لَمْ تَخْرُجْ الْحَاضِرَةُ عَنْ وَقْتِهَا، لِفِعْلِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. فَالدَّلَالَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حُكْمِ التَّرْتِيبِ: تَنْبَنِي عَلَى تَرْجِيحِ أَحَدِ الدَّلِيلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِعْلَ لِلْوُجُوبِ.
[بَابُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَوُجُوبِهَا]
[حَدِيثُ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً]
الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ الْفَذِّ، وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ. وَوَجْهُ الدَّلِيلِ مِنْهُ: أَنَّ لَفْظَةَ " أَفْعَلُ " تَقْتَضِي وُجُودَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَصْلِ مَعَ التَّفَاضُلِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ. وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ فَضِيلَةٍ فِي صَلَاةِ الْفَذِّ وَمَا لَا يَصِحُّ فَلَا فَضِيلَةَ فِيهِ. وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ قَدْ وَرَدَتْ صِيغَةُ " أَفْعَلْ " مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاكٍ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا التَّفَاضُلُ بِزِيَادَةِ عَدَدٍ فَيَقْتَضِي بَيَانًا. وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَّةَ جُزْءٌ مَعْدُودٌ يَزِيدُ عَلَيْهِ أَجْزَاءٌ أُخَرُ. كَمَا إذَا قُلْنَا: هَذَا الْعَدَدُ يَزِيدُ عَلَى ذَاكَ بِكَذَا وَكَذَا مِنْ الْآحَادِ. فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَصْلِ الْعَدَدِ، وَجُزْءٍ مَعْلُومٍ فِي الْآخَرِ، وَمِثْلُ هَذَا. وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ مِنْهُ: مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى " تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ، أَوْ تُضَاعَفُ " فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ شَيْءٍ يُزَادُ عَلَيْهِ، وَعَدَدٍ يُضَاعَفُ. نَعَمْ يُمْكِنُ مَنْ
الصفحة 187
407