كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِدَارَةِ. وَأَنَّهُ وَقْتُ الْحَيْعَلَتَيْنِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ هَلْ تَكُونُ قَدَمَاهُ قَارَّتَيْنِ مُسْتَقْبِلَتَيْ الْقِبْلَةَ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَّا بِوَجْهِهِ دُونَ بَدَنِهِ، أَوْ يَسْتَدِيرُ كُلُّهُ؟ الثَّانِي: هَلْ يَسْتَدِيرُ مَرَّتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " وَالْأُخْرَى عِنْدَ قَوْلِهِ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " أَوْ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَيَقُولُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " مَرَّةً، ثُمَّ يَلْتَفِتُ شِمَالًا فَيَقُولُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " أُخْرَى. ثُمَّ يَتَلَفَّتُ يَمِينًا وَيَقُولُ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " مَرَّةً، ثُمَّ يَلْتَفِتُ شِمَالًا فَيَقُولُ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " أُخْرَى؟ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَنْقُولَانِ عَنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ رُجِّحَ هَذَا الثَّانِي بِأَنَّهُ يَكُونُ لِكُلِّ جِهَةٍ نَصِيبٌ مِنْ كَلِمَةٍ وَقِيلَ: إنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ. وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَى لَفْظِ الْحَدِيثِ: هُوَ الْأَوَّلُ.
الرَّابِعُ: قَوْلُهُ " ثُمَّ رَكَزَتْ لَهُ عَنَزَةٌ " أَيْ أَثْبَتَتْ فِي الْأَرْضِ. يُقَالُ: رَكَزْتُ الشَّيْءَ أَرْكُزُهُ - بِضَمِّ الْكَافِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ - رَكْزًا: إذَا أَثْبَتَهُ وَ " الْعَنَزَةُ " قِيلَ: هِيَ عَصًا فِي طَرَفِهَا زُجٌّ. وَقِيلَ: الْحَرْبَةُ الصَّغِيرَةُ.

[وَضْع السُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي] 1
الْخَامِسُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِ السُّتْرَةِ لِلْمُصَلِّي، حَيْثُ يُخْشَى الْمُرُورُ كَالصَّحْرَاءِ. وَدَلِيلٌ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِي السُّتْرَةِ بِمِثْلِ غِلَظِ الْعَنَزَةِ. وَدَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرُورَ مِنْ وَرَاءِ السُّتْرَةِ غَيْرُ ضَارٍ.

[رُجْحَان الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ] 1
السَّادِسُ: قَوْلُهُ " ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ " هُوَ إخْبَارٌ عَنْ قَصْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ، وَمُوَاظَبَتِهِ عَلَى ذَلِكَ. وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى رُجْحَانِ الْقَصْرِ عَلَى الْإِتْمَامِ. وَلَيْسَ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِهِ إلَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ أَفْعَالَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ. وَلَيْسَ بِمُخْتَارٍ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ.
السَّابِع: لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَوْضِعَ اجْتِمَاعِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى قَالَهَا فِيهَا " أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ. وَهُوَ بِالْأَبْطُحِ فِي قُبَّةٍ لَهُ حَمْرَاءَ مِنْ أُدْمٍ " وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُبَيِّنَةُ مُفِيدَةٌ لِفَائِدَةٍ زَائِدَةٍ. فَإِنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى الْمُبْهَمَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اجْتِمَاعُهُ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي طَرِيقِهِ إلَى مَكَّةَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا. وَعَلَى هَذَا يُشْكِلُ قَوْلُهُ " فَلَمْ يَزَلْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ " عَلَى مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ، مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّفَرَ تَكُونُ لَهُ نِهَايَةٌ يُوصَلُ إلَيْهَا قَبْلَ الرُّجُوعِ. وَذَلِكَ مَانِعٌ

الصفحة 206