كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَبَرِ إلَيْهِ: هَلْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، بِنَاءً عَلَى مَسْأَلَةِ النَّسْخِ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ؟ وَقَدْ نُوزِعَ فِي هَذَا الْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ. وَوَجْهُ قَوْلِ هَذَا الْمُنَازِعِ فِي هَذَا الْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّسْخِ: أَنَّ النَّسْخَ خِطَابٌ تَكْلِيفِيٌّ، إمَّا بِالْفِعْلِ أَوْ بِالِاعْتِقَادِ. وَلَا تَكْلِيفَ إلَّا مَعَ الْإِمْكَانِ، وَلَا إمْكَانَ مَعَ الْجَهْلِ بِوُرُودِ النَّاسِخِ. وَأَمَّا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ: فَمَعْنَى ثُبُوتِ حُكْمِ الْعَزْلِ فِيهِ: أَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي أَنْ يُعْلَمَ بَعْدَ الْبُلُوغِ بُطْلَانُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ. وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ هَذَا الْبِنَاءِ: فَالْحُكْمُ هُنَاكَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ يَكُونُ مَأْخُوذًا بِالْقِيَاسِ لَا بِالنَّصِّ.
[صَلَّتْ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ ثُمَّ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ] 1
الثَّانِيَةُ: إذَا صَلَّتْ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، ثُمَّ عَلِمَتْ بِالْعِتْقِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ: هَلْ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَمْ لَا؟ فَمَنْ أَثْبَتَ الْحُكْمَ قَبْلَ بُلُوغِ الْعِلْمِ إلَيْهَا قَالَ بِفَسَادِ مَا فَعَلَتْ فَأَلْزَمَهَا الْقَطْعَ. وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لَمْ يُلْزِمْهَا الْقَطْعَ، إلَّا أَنْ يَتَرَاخَى سِتْرُهَا لِرَأْسِهَا وَهَذَا أَيْضًا مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ بِالْقِيَاسِ.
[تَنْبِيه مَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ هُوَ فِيهَا] 1
الثَّالِثَةُ: قِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَنْبِيهِ مَنْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ هُوَ فِيهَا. وَأَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ. كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى جَوَازِ أَنْ يُفْتَحَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُخْبِرَ عَنْ تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مُخْبِرٌ عَنْ وَاجِبٍ، أَوْ آمِرٌ بِتَرْكِ مَمْنُوعٍ. وَمَنْ يَفْتَحُ عَلَى غَيْرِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ مُطْلَقًا. فَلَا يُسَاوِيهِ، وَلَا يُلْحَقُ بِهِ. هَذَا إذَا كَانَ الْفَتْحُ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ.
[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَةِ]
الرَّابِعَةُ: قِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ، وَمُرَاعَاةِ السَّمْتِ؛ لِأَنَّهُمْ اسْتَدَارُوا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ لِأَوَّلِ وَهْلَةٍ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ قَطْعِهِمْ عَلَى مَوْضِعِ عَيْنِهَا.
[صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ] 1
الْخَامِسَةُ: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ، مَعَ مُخَالَفَةِ الْحُكْمِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ قُبَاءَ فَعَلُوا مَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ ظَنِّهِمْ بَقَاءَ الْأَمْرِ. وَلَمْ يَفْسُدْ فِعْلُهُمْ، وَلَا أُمِرُوا بِالْإِعَادَةِ.
[مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ] 1
السَّادِسَةُ: قَالَ الطَّحَاوِيُّ: فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، وَلَا أَمْكَنَهُ اسْتِعْلَامُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ. فَالْفَرْضُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ. وَالْحُجَّةُ غَيْرُ قَائِمَةٍ عَلَيْهِ. وَرَكَّبَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى هَذَا: مَسْأَلَةَ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ
الصفحة 215
407