كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)
81 - الْحَدِيثُ السَّادِسُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ» .
82 - وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهُوَ الْحَدِيثُ السَّابِعُ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَوَافَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى» وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْمُوَافَقَةُ رَاجِعَةً إلَى صِفَةِ التَّأْمِينِ، أَيْ يَكُونَ تَأْمِينُ الْمُصَلِّي كَصِفَةِ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْإِخْلَاصِ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَمْدُوحَةِ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا كَلَامٌ فِي مِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - " غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " وَهَلْ ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بِالصَّغَائِرِ؟ .
[حَدِيثُ إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ]
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ وَاسْمُهُ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَيُعْرَفُ بِالْبَدْرِيِّ. وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا. وَلَكِنَّهُ نَزَلَهَا، فَنُسِبَ إلَيْهَا - يَدُلَّانِ عَلَى التَّخْفِيفِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ. وَالْحُكْمُ فِيهَا مَذْكُورٌ مَعَ عِلَّتِهِ، وَهُوَ الْمَشَقَّةُ اللَّاحِقَةُ لِلْمَأْمُومِينَ إذَا طَوَّلَ. وَفِيهِ - بَعْدَ ذَلِكَ - بَحْثَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَتْ الْعِلَّةُ وَجَبَ أَنْ يَتْبَعَهَا الْحُكْمُ، فَحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى
الصفحة 228
407