كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

120 - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ - كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ» وَفِي لَفْظٍ «إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ - وَذَكَرَهُ - وَفِيهِ: فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - وَفِيهِ - فَلْيَتَخَيَّرْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ» .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَفِيهِ زِيَادَةُ " الْكُرَّاثِ " وَهُوَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ. إذْ الْعِلَّةُ تَشْمَلُهُ. وَقَدْ تَوَسَّعَ الْقَائِسُونَ فِي هَذَا، حَتَّى ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَنْ بِهِ بَخَرٌ، أَوْ جُرْحٌ مِنْهُ رِيحٌ يُجْرَى هَذَا الْمَجْرَى، كَمَا أَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا، وَأَجْرَوْا حُكْمَ الْمَجَامِعِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسَاجِدَ - كَمُصَلَّى الْعِيدِ، وَمَجْمَعِ الْوَلَائِمِ - مَجْرَى الْمَسَاجِدِ لِمُشَارَكَتِهَا فِي تَأَذِّي النَّاسِ بِهَا. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى " إشَارَةٌ إلَى التَّعْلِيلِ بِهَذَا. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ " يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثُّومِ " يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ: التَّعْلِيلَ بِتَأَذِّي بَنِي آدَمَ. وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ.

[بَابُ التَّشَهُّدِ]
[حَدِيثُ عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ]
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ التَّشَهُّدِ. فَقِيلَ: إنَّ الْأَخِيرَ وَاجِبٌ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ: أَنَّهُ سُنَّةٌ. وَاسْتَدَلَّ لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ " فَلْيَقُلْ " وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، إلَّا أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ مَجْمُوعَ مَا تَوَجَّهَ إلَيْهِ ظَاهِرُ الْأَمْرِ لَيْسَ

الصفحة 304