كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 1)

152 - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمًا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ تَعَالَى يُغِيثُنَا، قَالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا. قَالَ أَنَسٌ: فَلَا وَاَللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةٍ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ. فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ، قَالَ: فَلَا وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سَبْتًا، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأُخْرَى، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَرُبَ مِنْ السُّقُوطِ فِي تِلْكَ الْحَالِ. فَيُمْكِنُ أَنْ يُثَبِّتَهُ مِنْ غَيْرِ قَلْبٍ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا ذُكِرَ مِنْ نُزُولِ الْوَحْيِ بِتَغَيُّرِ الْحَالِ عِنْدَ تَغَيُّرِ الرِّدَاءِ. وَالِاتِّبَاعُ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ الْخُصُوصِ، مَعَ مَا عُرِفَ فِي الشَّرْعِ مِنْ مَحَبَّةِ التَّفَاؤُلِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَقْدِيمِ الدُّعَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ الْخُطْبَةِ. وَالْخُطْبَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقْتَضِيهِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الدُّعَاءِ مُطْلَقًا. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْجَهْرِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ. وَالتَّحْوِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ يَكْتَفِي فِي تَحْصِيلِ مُسَمَّاهُ: بِمُجَرَّدِ الْقَلْبِ مِنْ الْيَمِينِ إلَى الْيَسَارِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 356