كتاب إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (اسم الجزء: 2)
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ النِّكَاحِ] [حَدِيث يَا معشر الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ]
" الْبَاءَةُ " النِّكَاحُ، مُشْتَقٌّ مِنْ اللَّفْظِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْإِقَامَةِ وَالنُّزُولِ، وَ " الْبَاءَةُ " الْمَنْزِلُ فَلَمَّا كَانَ الزَّوْجُ يَنْزِلُ بِزَوْجَتِهِ: سُمِّيَ النِّكَاحُ " بَاءَةً " لِمَجَازِ الْمُلَازَمَةِ وَاسْتِطَاعَةُ النِّكَاحِ: الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ إلَّا الْقَادِرُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ قَالُوا: مَنْ لَمْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَالنِّكَاحُ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ، وَصِيغَةُ الْأَمْرِ ظَاهِرَةٌ فِي الْوُجُوبِ.
وَقَدْ قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ النِّكَاحَ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ، أَعْنِي الْوُجُوبَ: وَالنَّدْبَ، وَالتَّحْرِيمَ، وَالْكَرَاهَةَ، وَالْإِبَاحَةَ وَجُعِلَ الْوُجُوبُ فِيمَا إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَقَدَرَ عَلَى النِّكَاحِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وَاجِبًا، بَلْ إمَّا هُوَ، وَإِمَّا التَّسَرِّي فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّسَرِّي تَعَيَّنَ النِّكَاحُ حِينَئِذٍ لِلْوُجُوبِ، لَا لِأَصْلِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ مَنْ يَرَى أَنَّ النِّكَاحَ أَفْضَلُ مِنْ التَّخَلِّي لِنَوَافِلِ
الصفحة 168