كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 58 - 59] (سورة النساء: الآيتان 58، 59) . قَالَ الْعُلَمَاءُ: نَزَلَتْ الْآيَةُ الْأُولَى فِي وُلَاةِ الْأُمُورِ؛ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا، وَإِذَا حَكَمُوا بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، وَنَزَلَتْ الثَّانِيَةُ فِي الرَّعِيَّةِ مِنْ الْجُيُوشِ وَغَيْرِهِمْ، عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوا أُولِي الْأَمْرِ الْفَاعِلِينَ لِذَلِكَ فِي قَسْمِهِمْ وَحُكْمِهِمْ وَمَغَازِيهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ إلَّا أن يأمروا بمعصية الله، فإذا أمروا بمعصية الله فَلَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ رَدُّوهُ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ وُلَاةُ الْأَمْرِ ذَلِكَ، أُطِيعُوا فِيمَا يأمرون به من طاعة الله ورسوله، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأُدِّيَتْ حقوقهم إليهم كما أمر الله ورسوله، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] (سورة المائدة: من الآية 2) . وَإِذَا كَانَتْ الْآيَةُ قَدْ أَوْجَبَتْ أَدَاءَ الْأَمَانَاتِ إلَى أَهْلِهَا، وَالْحُكْمَ بِالْعَدْلِ: فَهَذَانِ جِمَاعُ السِّيَاسَةِ العادلة، والولاية الصالحة.

الصفحة 6