كتاب التفكر والاعتبار بآيات الكسوف والزلازل والإعصار

سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانا} (¬1)، وقال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} (¬2) انتهى.
ولزيادة البيان والرد على مَن زعم أن ما حصل في أمريكا هو موسم أعاصير وفيضانات فقد قال ابن تيمية - رحمه الله - قال: (كما أن تعذيب الله لمن عذبه بالريح الشديدة والباردة كقوم عاد كانت في الوقت المناسب، وهو آخر الشتاء كما ذكر ذلك أهل التفسير وقصص الأنبياء (¬3) انتهى؛ فتأمل هذا الكلام وأن الريح الشديدة التي سلّطها الله على عاد قوم هود - عليه السلام - الذين قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} (¬4) كانت في وقت هبوب الرياح الشديدة الباردة، وقد وَصَفَها سبحانه بأنها "
¬__________
(¬1) سورة الأنعام، من الآية: 96.
(¬2) سورة الرحمن، آية: 5.
(¬3) وقد أستُفيد من كون هذه الريح المدمرة كانت في موسم الشتاء التي تكثر فيه الرياح وتشتد من قوله تعالى: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} [سورة الحاقة، من الآية: 6]، وآيات أخرى تبين بأن هذه الريح كانت (صرصراً)، فمعنى ريح (صرصر) أي الريح الباردة الشديدة البرودة، كما جاء في (مختار الصحاح، ص 151)، و (تفسير ابن كثير، 4/ 413)، و (تفسير القرطبي، 15/ 347)، وغيرها.
وقد استنبط البعض - أيضاً - بكون هذه الريح قد جاءت في موسم الشتاء الذي تكثر وتشتد فيه، من قوله تعالى عن قوم عاد: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ? تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} [سورة الأحقاف، الآيات: 24 – 25]، فكونهم قالوا بأنه (عارض ممطرنا) دليل على أنه كان في موسم الأمطار الذي تكثر فيه الرياح وتشتد؛ والله أعلم.
(¬4) سورة فصلت، الآية: 15.

الصفحة 31