كتاب التفكر والاعتبار بآيات الكسوف والزلازل والإعصار

سبحانه عن ملكه وعن تصرفه فيه وتدبيره له!.
وأكبر شاهد على ذلك أنه مع كثرة ما تتابع في زماننا من الآيات العظيمة الموجبة لخوف الإله العظيم سبحانه إلا أنه مع عدم الخوف فلا ذكر لله أيضاً!، وكأن الطبيعة تتصرف بنفسها فضلاً عن الإقلاع عن موجبات سخطه والتوبة والرجوع إليه كما كان يحصل في الماضي، وقد قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً} (¬1)، وقال سبحانه: {وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً} (¬2).
واعلم أن الخوف هو - كما قال ابن القيم -: (مسبوق بالشعور والعلم، فَمُحال خوف الإنسان مما لا شعور له به) (¬3).
وهذا هو الفارق بيننا وبين السلف، فالقلوبُ اليوم قَسَت وأظلمت، فضَعُف الشعور بالمالك المتصرف في ملكه سبحانه أو عُدِم فيصير من المحال خوف الإنسان مما لا شعور له به.
ولا ريب أن الغَيْبة التي دَهَتْ القلوب عن مُحَرّك الكون ومُسَكِّنه هي بسبب التشبه بالكفار حيث يتكلمون عن أسباب مقطوعة عن المسبب،
¬__________
(¬1) سورة الإسراء، الآية: 59.
(¬2) سورة الإسراء، الآية: 60.
(¬3) مدارج السالكين، 1/ 515.

الصفحة 4