كتاب الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية

مشركا أستغيث بغير الله وأخاف وأرجو غير الله ومن هذا تعلم أن ظهور الخوارق وما في عالم الغيب ليس دليلا على صلاح من ظهرت له تلك الخوارق ولا على ولايته لله البتة فإن كل مرتاض رياضة روحية تظهر له الخوارق على أي دين كان وقد سمعنا وقرأنا أن العُبَّاد الوثنيين من أهل الهند تقع لهم خوارق عظام. وبعد ذلك بأيام رأيت في المنام رجلا نبهني وأشار إلى الأفق فقال لي: أنظر فرأيت ثلاثة رجال فقال لي: إن الأوسط منهم هو النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت إليه فلما وصلت إليه انصرف الرجلان اللذان كانا معه فأخذت يده فقلت يا رسول الله خذ بيدي إلى الله فقال لي اقرأ العلم ففكرت فعلمت أني في بلاد الجزائر وكان الفرنسيون مسؤولين عليها وكان فقهاء بلدنا يُكفِّرون كل من سافر إلى الجزائر وإذا رجع من سفره يأمرونه بالاغتسال والدخول في الإسلام من جديد ويعقدون له عقدا جديدا على زوجته فقلت في نفسي هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني بطلب العلم، وأنا في بلاد يحكمها النصارى فأما أن أكون عاصيا أو كافرا فكيف يجوز لي أن أطلب فيها العلم هذا كله وقع في لحظة وأنا لا أزال واقفا أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقلت في بلاد المسلمين أوفي بلاد النصارى؟ فقال لي: البلاد كلها لله فقلت يا رسول الله أدع الله أن يختم لي بالإيمان فرفع إصبعه السبابة إلى السماء وقال لي: عند الله وبعد ما خرجت من الطريقة التجانية على إثر المناظرة التي سأذكرها فيما بعد إن شاء الله بزمن طويل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى في المنام على صورة تخالف الصورة التي رأيته عليها في المرة المذكورة، ففي الأولى كان طولا أبيض نحيفا مشربا
بحمرة لحيته بيضاء، أما في هذه المرة فكان ربعة من الرجال إلى الطول أقرب ولم يكن نحيفا ولحيته سوداء وبياض وجهه وحمرته أقرب إلى ألوان العرب من المرة الأولى وكانت رؤية له في فلاة من الأرض وكنت بعدما خرجت من الطريقة التجانية توسوس نفسي أحيانا بما في كتاب جواهر لمعاني مما ينسب إلى الشيخ التجاني أنه قال: من ترك ورده وأخذ وِردنا وتمسك بطريقتنا هذه الأحمدية المحمدية الإبراهيمية الحنيفية التجانية فلا خوف عليه من الله ولا من رسوله ولا من شيخه أيا كان من الأحياء أومن الأموات أما من أخذ وِردنا وتركه فإنه يحل به البلاء دنيا وأخرى ولا يموت ألا كافرا ً قطعا وبذلك أخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما وقال لي: سيد الوجود صلى الله عليه وسلم فقراؤك فقرائي وتلاميذك تلاميذي وأنا مربيهم وسيأتي من هذه الأخبار وأمثالها إن شاء الله كثير في ذكر فضائل الأوراد

الصفحة 11