كتاب الهدية الهادية إلى الطائفة التجانية

الصحابة وغيرهم في التحدث بالنعم وأنه شكر لها، هذا ملخص جوابه عن الإيراد الأول، وأقول مستعينا بالله في جوابه:
كل ما أوردته في التحدث بالنعم المعنوية والحسية، فهو حق لا ننازعك فيه، ولكن الطوام التي نقلتها عن شيخك لم يسبقه إليها سابق من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ولا دليل عليها من كتاب الله بل أدلة الكتاب والسنة تغبر في وجهها وتدحضها وتدمغها فقد أتعبت نفسك في غير طائل هذا نقوله على سبيل الإجمال ويأتي تفصيله إن شاء الله تعالى ثم أجاب عن الإيراد الثاني بما ملخصه أن ظاهر كلام شيخه هو تفضيله على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المخصوص كقوله تعالى في ريح عاد: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} فإنها لم تدمر الجبال ولم تدمر أحدا من البشر إلا عاد، وكذلك قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} فإن العرش لا يهلك وكذلك الجنة وما فيها ثم استدل بحديثين أحدهما قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي در) وقال أنه علم مخصوص قطعا لأنه لا سبيل لدخوله صلى الله عليه وسلم في هذا العموم.
قال محمد تقي الدين الهلالي: الجواب عن ذلك أنه لا حجة له فيه لأن كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، لا يحتاجان إلى دليل ولا إقامة حجة لأنهما حجة والحجة العامة تخصص بالحجة الخاصة، أما كلام شيخه فليس بحجة فهو محتاج إلى حجة فيقال له من أين علمت أن روحك مقارنة لروح النبي صبى الله عليه وسلم، روحه عليه الصلاة والسلام تمد الأنبياء وروحك تمد الأولياء هكذا يقال أولا ويقال ثانيا ماذا تعني بالمدد أهو حسي أم معنوي فالحسي هو بسطة الجسم والرزق وما أشبههما والمعنوي هو هداية القلوب وما يُفتح عليها به من العلوم والحكم والتوفيق على طاعة الله والحفظ من معصية الله وتزكية النفوس وترقيتها في مراتب الإحسان حتى تبلغ درجة الصدِّيقين فإن كان هذا مقصودك فإن الكتاب والسنة وأصول الدين وجميع الأدلة النقلية والعقلية تدل بأصرح العبارات أن الله وحده هو الذي يمد عباده بالرزقين سواءا أكانوا أنبياء أو شهداء أو صالحين أم من عامة المؤمنين وأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل خلق الله على الإطلاق لا يمد أحدا بشيء من ذلك لا الأنبياء ولا غيرهم بل هو نفسه عليه الصلاة والسلام فقير إلى الله يتلقى المدد منه والذي يُمَد بفتح الميم لا يُمِد بضم الياء وكسر الميم والأدلة على هذا الأصل من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله

الصفحة 26