كتاب الاتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية

والبحث في متطلبات تحقيق أهداف المنهج الدراسي يقود بالضرورة إلى جوانب أخرى من المنهج، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولنضرب لذلك مثلًا نوضح به المقصود. إذا فرضنا أن هدف المنهج هو: معرفة وظيفة الجهاز التنفسي في جسم الإنسان، يصبح من الضروري أن يقدم المنهج الدراسي معلومات عن كل من: أعضاء الجهاز التنفسي, وعلاقة الجهاز التنفسي بغيره من أجهزة الجسم, وأساليب وقاية الجهاز التنفسي من الأمراض ... وغير ذلك من المعلومات اللازمة لتحقيق هذا الهدف. هذه المعلومات ومثيلاتها مما يحتاجه المنهج الدراسي لتحقيق أهدافه هو المحتوى "محتوى المنهج الدراسي". ولذلك فإن محتوى المنهج الدراسي "هو المكون أو العنصر الثاني من مكونات المنهج الدراسي".
ولما كان الغرض من المنهج هو في النهاية، أن يكتسب الدارس خبراته بمساعدة المعلم وإرشاده، فإنه يصبح من اللازم البحث عن طرائق تساعد المعلم على توجيه المتعلم إلى اكتساب الخبرات التي يتضمنها هذا المنهج. وهذا ينقلنا إلى البحث عن طرائق التعليم التي تقدم هذه الخبرات بالكفاءة المطلوبة إلى المتعلم.
وبذلك تكون "طرائق التعليم" هي الجانب الثالث للمنهج الدراسي.
ولكي تؤتي هذه الطرائق أكلها على أفضل وجه ممكن، وتحقق الأهداف بالمستوى المتوقع، ينبغي توظيف التقانية التربوية وأدواتها في عملية التعليم والتعلم، فمن وظائفها الأساسية أنها تثري عملية التعليم والتعلم وتجسد المجرد فيها وتصل المنقطع منها، وتجمع أطرافها في تكامل حافز، وتستقطب انتباه المتعلم في الموقف التعليمي، وتتخطى به حواجز الزمان والمكان. فلم يعد استخدام التقانة التربوية وأدواتها -اليوم- ترفا تربويا، بل أصبح جزءًا أساسيا في العملية التعليمية. لذلك تكون "التقانة التربوية" هي الجانب الرابع للمنهج التربوي.
ومن الأهمية بمكان أن تترابط هذه الجوانب جميعها في نشاط يكون فيه المتعلم حجر الزاوية، وتزال فيه الحواجز بين مختلف مقررات الدراسة وتخصصاتها، وتنصهر في بوتقة واحدة فتصير مركبًا تعليميا تربويا متجانسًا، وتخطط فيه مجالات مختلف أنواعها، ومواقف يتعاون أطراف المجتمع المدرسي فيها من حيث كونهم فريقًا يتكاتف في تحقيق أهداف المنهج الدراسي من خلال الإسهام في أوجه النشاط المدرسي. وتفتح من خلاله قنوات الاتصال بين المجتمع المدرسي والمجتمع بعامة, والبيئة المحلية بخاصة. هذا "النشاط المدرسي" هو الجانب الخامس للمنهج الدراسي".
هذه الجوانب الخمسة تستهدف إيجاد عملية تربوية ناجحة، وتقصد جعل المنهج أداة كفية في تحقيق الأهداف التربوية بعامة، وتحقيق أهدافه بخاصه، بتعبير آخر فإن المقصود من تطبيق هذه الجوانب الخمسة هي تحقيق الأهداف المنشودة.

الصفحة 37