كتاب الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة - ت ياسر فتحي (اسم الجزء: 3)

وقد قيل كَمَا ذكر ابن رجب رحمه اللهُ تَعَالَى فِي معنى هَذَا الحديث: إن الله لَا يقبل من الأعمال إلا مَا كَانَ طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها: كالرياء، والعجب، وَلَا من الأموال إلا مَا كَانَ طيبًا حلالًا؛ فَإِنْ الطيب توصف بِهِ الأعمال، والأقولا، والاعتقادات (¬١) والمراد بهذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطبات والاتبعاد عن الخبائث والمحرمات، ثُمَّ ذكر فِي آخ الحديث استبعاد قبول الدعاء مَعَ التوسع فِي المحرمات: أكلًا، وشربًا، ولبسًا، وتغذيةً. ولهذا كَانَ الصحابة والصالحون يحرصون أشد الحرص عَلَى أن يأكلوا من الحلال ويبتعدوا عن الحرام.
٤٠٥ - ٢ - فعن عائشة رضي الله عنها؛ قَالَت: كَانَ لأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخْرَاجَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ (¬٢) ، فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ:
---------------
= قال الترمذي: «هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق».
- وقال الدارقطني في الأفراد: «صحيح غريب» [أطرافه (٥/ ٢٨٣)].
- وقد صححه مسلم كما ترى، وقد عيب على مسلم إخراجه لحديث فضيل بن مرزوق إذ ضعفه بعضهم، ويُعتذر عن مسلم فيه من وجهين:
- الأول: أن مسلمًا كان ينتقي من حديث هؤلاء [الذين هم من الطبقة الثانية] ما كان مستقيمًا.
- الثاني: أن فضيلًا إنما أُتى من قبل إكثاره في الرواية عن عطية العوفي فكثرت المناكير في حديثه، وعطية ضعيف. وهو هنا يروي عن ثقة- كما ترى-.
- وعلى هذا؛ فيحتمل توثيق من وثقه- كالثوري وابن عيينة والفسوي والعجلي وغيرهم- على روايته من غير عطية، وأما ما رواه عن عطية، فالبلاء في من عطية لا منه. والله أعلم. [انظر ترجمته: التهذيب (٦/ ٤٢٥). الميزان (٣/ ٣٦٢). علل الترمذي الكبير (ص ٣٩١)].
(¬١) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٥٩).
(¬٢) أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه. الفتح (٧/ ١٩٠).

الصفحة 905