كتاب الأدب وفنونه - دراسة ونقد

افتتاح:
مشروع هذا الكتاب -كما يبدو من عنوانه- قد يوحي بالتفكك وانفصال أجزائه واستقلالها، ولكن الحقيقة أن هناك وحدة فكرية عامة تشمل جميع الفصول؛ ذلك أن كل فكرة كبيرة أو جزئية وردت في أي فصل من الفصول كانت تراعى، وقد تجد أصداء لها، في الفصول الأخرى، حقًّا إن كثيرًا من الأجزاء كان التعويل فيه على المفهومات النقدية الأوروبية، وهنا تكون المسئولية على صاحب النص المنقول.
وتنحصر مسئوليتي في هذه الحالة في أمانة النقل والتعبير. ومذهبي في هذا النقل أنه حينما تختلف الآراء حول مسألة من المسائل فإنني أعرض تلك الآراء العرض الذي يوحي أن صاحب الرأي نفسه هو الذي يتكلم، فإذا انتقلت إلى الرأي المعارض أحسستَ نفس الإحساس. وهذه عندي خطة مثلى في العرض تتجنب التحيز والتحامل. ويأتي رأيي الخاص غالبًا بعد أن أوفِّي الآخرين حقهم من هذا العرض.
والضرورة التي دفعت إلى تأليف هذا الكتاب -وهي توضح الوحدة التي تربط أجزاءه- هي حاجتنا الماسة إلى قراءة النظريات الخاصة بالأدب وفنونه المختلفة وشرحها, حتى إذا ما فرغنا من هذه النظريات كنا في حاجة إلى الدراسة التطبيقية العملية. وليس في اللغة العربية -وقل أن يوجد في اللغات الأخرى- كتاب يجمع هذين الجانبين: النظري والعملي, ولكي تتم الفائدة من تقديم تلك النظريات أخذنا نماذج من الشعر والقصة والمسرحية ودرسناها دراسة نقدية على أساس من الجانب النظري.
وقد كان طبيعيًّا أن نكتفي في كثير من الحالات بعرض الخطوط العامة دون الدخول في التفصيلات والجزئيات، وذلك اعتبارًا لطبيعة الكتاب، ويبقى بعد ذلك أن كل فصل من فصوله يصلح وحده لكتاب مستقل، فكتاب عن نظرية الأدب، وآخر عن نظرية النقد الأدبي، وثالث عن نظرية الشعر، وهلم.. مشروع نرجو أن نوفق لإنجازه.
وكثيرون لهم فضل مباشر أو غير مباشر على هذا الكتاب، ولكن ربما كان الفضل الأكبر لقسم اللغة العربية بكلية الآداب "جامعة عين شمس" فقد أتاح لي التدريس فيه فرصة مناقشة كثير من مسائله مع الطلاب وتمحيصها طوال السنوات الأربع الماضية.
وبعد, فأرجو أن أكون بهذا الكتاب قد وضعت لبنة صغيرة نافعة في بناء نهضتنا الفكرية، وأدبنا الحديث.
عز الدين إسماعيل

الصفحة 6